ليس مفاجئاً ما تتكشف عنه إجراءات وزير التربية لضبط الامتحانات، لكنه مدهش بكل معنى الكلمة، لجهة الكم الهائل من ركام ارتكابات باتت تقليداً موجهاً لكل من يتابع ما يجري داخل القاعات أثناء الامتحان وقبله.. وما يسبق من تحضيرات وترتيبات مشبوهة، فما بات أكيداً أن التلاعب ليس وليد لحظات الامتحان، وهذا يعني أن استخدام مفردات من قبيل شبكات تلاعب وتزوير وغش في توصيف نتائج “حملة الوزير”… صحيح ودقيق إلى حد كبير.
ونؤكد أن ما تسفر عنه عمليات المتابعة ليس مفاجئاً، لأن المسألة لم تكن بحاجة إلى وسائل إعلام لإشعار الرأي العام والناس بأن خللاً مزمناً يعتري امتحانات التربية، بل على العكس.. عامة الناس لديهم تفاصيل مكثفة عما يجري، ومصادرهم من قلب قاعات الامتحان، فكل تلميذ وكل مراقب وموظف هو مصدر للمعلومة وكشف المستور..
أمام كل هذه المعطيات يمسي التساؤل الملح.. لماذا كان يتظاهر وزير التربية السابق الذي تفاقم الخلل خلال فترة توليه مسؤولية الوزارة، بأنه آخر من يعلم.. بل ويعلي الصوت وهو يردد مفردات طمأنة غريبة ومنفصلة عن الوقائع..؟
لا علينا.. فالوزير الحالي صاحب مشروع، متكامل على ما يبدو، ولا يجوز أن تبقى مخرجات هذا المشروع مهددة بفساد “اللحظات الأخيرة”.. بالتالي لابد من حلول جذرية حاسمة، وبالتأكيد التشريعات الرادعة والزاجرة لازمة ويجب أن تكون مشددة وقاصمة لظهور المرتكبين.. لكنها لا تكفي، بل ثمة خيارات أخرى علينا الذهاب إليها، ولعل الأولوية فيها للتقنية وإلغاء العامل البشري..
فقد تحل أتمتة الأسئلة جزءاً من المشكلة وليس كلها، وعلينا أن نبحث عن خطوات متممة – تقنياً – مع طريقة غير تقليدية لاستثمارها وتوظيفها.
لنذهب باتجاه أسئلة تتكفل بسبر حقيقي لمهارات الطالب.. أو كي لا نطيل الشرح، لنحاول نقل تجارب الآخرين التي نجحت وأثبتت نتائج طيبة، بما أن معظم وزاراتنا تستنسخ تجارب الآخرين، فلماذا لا نستنسخ تجربة ضبط امتحانات تقرر مصير طالب وبلد.
نهى علي