الثورة – حوار عبد الحميد غانم:
الباحثة في الشؤون الدولية ومسؤولة التعاون الدولي في جمعية الصداقة العربية الإيطالية “البندقية” الدكتورة سناء شامي في حديث لـ”الثورة” تقول: الاتفاق والتعاون العربي – الصيني هو حاجة جيو استراتيجية للطرفين وتؤكد أهمية ما تم التوصل إليه في المنتدى العربي الصيني الذي انعقد في بكين، حيث إن الصين دعت إلى مؤتمر سلام لدعم القضية الفلسطينية وقد تحددت أعمال المنتدى العربي الصيني بخمس معادلات للتعاون بين الدول العربية والصين.
ونوهت الدكتورة شامي بأن جميع النقاط التي تضمنها البيان الختامي للمنتدى ولاسيما بشأن التعاون الاقتصادي والثقافي والسياسي، هي حتماً نقاط مهمة وفعّالة وضرورية للدول العربية المكبلة اليدين والمحاصرة بين أمواج جيواستراتيجية عاتية، تتصارع فيها قوى ناشئة مثل الصين، و قوى إمبريالية عنيفة مثل أميركا.
وقالت الباحثة شامي: لكن بعيداً عن الابتهاج الضروري للمعادلات الختامية للمنتدى الصيني العربي، التي تحتوي بجميع الأحوال على مضمون إيجابي ونافع لشعوب المنطقة، إلا أنه في النهاية، تبقى مفاتيح القيادة بيد الصين، وهذا من حقها كقوة ناشئة تنافس العدو الأميركي الصهيوني المتوحش الذي يريد تدمير المنطقة العربية، بمساعدة بعض الدول العربية التي كانت مشاركة أيضاً بهذا المنتدى.
وأكدت شامي أن تقرّب الصين من الدول العربية اليوم، هو ليس فقط حاجة عربية للعوم وتجنب الغرق، بل هي بالدرجة الأولى ضرورة استراتيجية أساسية لمستقبل الصين و تطلعاتها أيضاً.
وأشارت إلى أنه كي نفهم استراتيجية الصين، علينا أن ننطلق من تصور الصين لذاتها، وأهمية البحر الأبيض المتوسط للقوى الناشئة غير الأوروبية.
ونوهت شامي بأن كلمة زينكوبي (Zingubi) كلمة صينية تعني الإمبراطورية الوسطى، أي في وسط أو مركز العالم وبقية المراكز في العالم تدور حولها، أمّا ٢٠٤٩ فهو التاريخ الذي حددته الصين لتحقيق هدفها بأن تكون الإمبراطورية الوسطى.. هذا هو تصور الصين لذاتها وهو تصور مرتبط ارتباطاً وثيقاً باستراتيجياتها الدولية.
وقالت شامي: نرى الصين تسعى منذ سنوات بعيدة لأن تكون، ليس فقط قوة برية، وإنما أيضاً قوة بحرية قادرة على الحد من النفوذ الأميركي البحري الهائل. وبدخول عام ٢٠٤٩ تعمل الصين على تحقيق سيادتها على البحر الجنوبي الصيني، مع الحفاظ على تايوان ضمن قاعدة دولة واحدة ونظامين، وكذلك على توطيد علاقاتها مع بقية العالم من خلال طريق الحرير، الذي لا يقتصر فقط على التأثير التجاري الاقتصادي، وإنما أيضاً العسكري والمالي والثقافي العالمي… و لهذا السبب، في عام ٢٠١٢، نائب رئيس الجامعة الدولية في بكين الدكتور وانغ نيسيو (wang Nisiu) طرح قراءة جديدة للدبلوماسية الصينية، التي دعاها إلى عدم الاكتفاء فقط بالبحث عن الموارد الأولية للطاقة في العالم، و إنما أيضاً تطبيق علاقات وتدخلات تشاركية مباشرة، ولكن من دون خلق تشوش للطرف الآخر، الاعتماد على التجارة الدولية دون الخضوع للغرب، وعلى الصين أن تتبع سياسة الاحتواء والتشاركية من خلال مشروع طريق الحرير، لأن هذه الاستراتيجية سوف تسهل لها تطبيق أجندتها لعام ٢٠٤٩، ألا وهي أن تصبح الإمبراطورية الوسطى.
وبينت شامي أن طريق الحرير عن طريق البر سيربط الشرق بالغرب وهذا سيشمل سورية، العراق، إيران وتركيا، أمّا ذات الربط، ولكن عن الطريق البحري، فسيشمل ماليزيا، سيرلانكا، الهند، مروراً بالبحر الأحمر للوصول إلى أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط، وبالنهاية مع هذين المشروعين تخلق الصين حزاما بريا وآخر بحريا يلتقيان ليساهما بالتصدي لنفوذ أميركا، من أجل تحقيق هدفها بأن تصبح قوة اقتصادية كبرى.
وعن أهمية البحر الأبيض المتوسط، نوهت الدكتورة شامي بأن الصين اليوم منحصرة، ليس فقط بالبترول، وإنما هذا البحر أصبح مكان التقاء لصراع النفوذ الأميركي- الغربي البحري مع النفوذ الصيني البري، وقالت: في الماضي كانت بريطانيا العظمى تتصدر قيادة البحار، واليوم أميركا ما زالت هي المسيطرة على ما يُسمّى اليوم بالوطن الأزرق، والمقصود بهذه التسمية المساحات البحرية، التي تتصارع الدول عليها اليوم لترسيم حدودها.
وقالت: إن بسط النفوذ على مركزية البحار، هو إحدى النقاط الأساسية والساخنة في الصراع بين أميركا والصين، وبالتالي فإن العالم بأجمعه يتحمل أعباء صراع النفوذ هذا، لذلك فإن مضيق البوسفور، الدردنيل، هرمز، السويس وباب المندب، جميع هذه المضايق تشكل عوامل حاسمة للصراعات والحروب بين أميركا والصين، حتى الدول البعيدة جغرافياً عن البحر الأبيض المتوسط (تعريفه الجديد، المحيط المتوسط، لأنه يربط المحيط الهندي مع الأطلسي الهادي) تسعى لأن يكون لها وجود في هذا البحر عن طريق تحالفات ومعاهدات وتجارة.