من يتابع الحراكَ الطلابي في الجامعات الأميركية وكيفية التعاطي معها، يعلم أن الولايات المتحدة الأميركية خسرَت الشرعيةَ الأخلاقيَّةَ التي روَّجت لها لعدة عقود مضت.
ورغم أنها تصف نفسها بأنها “منارة للديمقراطية”، إلا أن الممارسات الجارية فيها تؤكد على أنه لا تزال العنصرية تتغلغل في الولايات المتحدة الأميركية في جميع جوانب المجتمع، وتضع الأقليات العرقية في وضع محروم اجتماعياً، وهو ما تؤكده تقارير أممية وغربية.
كما تنتشر في الولايات المتحدة الأيديولوجية العنصرية بشراسة عبر منصات متعددة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، لتصبح مصدراً رئيساً للعنصرية المتطرفة.
ورغم أنها تعتبر نفسها معياراً للدفاع عن حرية الرأي والتعبير، نرى فيها أن قمع حرية التعبير أمر متكرر على منصات التواصل الاجتماعي، وأصبحت الرقابة وحظر التعبير أمراً شائعاً، الأمر الذي لا يحد من وصول الجمهور إلى التعبير التعددي فحسب، بل يقوض أيضاً أساس المناقشة الحرة.
وتتأثر وسائل الإعلام الرئيسية بالمصالح التجارية والضغوط السياسية، وهو ما يتعارض تماماً مع روح حرية التعبير.
وكما تابع العالم كيف أن حرية التعبير في الحرم الجامعي تتعرض أيضاً للملاحقة والتقييد، إذ تقوم العديد من الجامعات، تحت ستار ما يسمى بالمساحات الآمنة واللياقة السياسية، بتقييد حرية التعبير للمعلمين والطلاب.
لقد باتت الهيمنة والأحادية وسياسات القوة تخلق أزمات وجودية لدى أصحابها.
فالولايات المتحدة التي تقدم نفسها باعتبارها “المدافع عن الحرية”، وتقوم بتوجيه أصابع الاتهام إلى أوضاع حقوق الإنسان في بلدان أخرى، بل وتلجأ إلى فرض العقوبات، والتدخل العسكري، وغير ذلك من الوسائل تحت تلك الذرائع، تكون تلك الحجج كاذبة ومضللة ومخادعة وموضع شك، ما وضعها في أزمات وجودية مع شعوبها وأجيالها الشابة التي وقفت ضد سياساتها العنصرية ومخططاتها في الهيمنة والقتل والاستغلال لشعوب العالم واعتماد شنّ الحروب والعدوان والاحتلال وسيلة للهيمنة.
هناك العديد من الأمثلة على الكيفية التي تؤدي بها التدخلات الأميركية في كثير من الأحيان إلى المزيد من الفوضى والأزمات الإنسانية، وقد أصاب منطقتنا حالات عديدة تمتد من أفغانستان إلى العراق إلى ليبيا وسورية، وما يجري اليوم في فلسطين وقطاع غزة تحديداً يعد نموذجاً بيناً على تلك التدخلات الأميركية، التي تهدد منطقتنا بمزيد من التوتر وعدم الاستقرار.