الثورة – يمن سليمان عباس:
من المعروف أن الخوف سمة أساسية في النفس البشرية كما الثقة والقوة، وإذا طغى الخوف تحول إلى حالة جبن تقتل صاحبها، ألا يقولون يموت الخائف ألف مرة في كل حالة يخاف منها.
وأيضاً الثقة إذا زادت وتحولت إلى تورط تكون قاتلة.. فما بين الخوف والثقة أو القوة شعرة أو حد فاصل هو من عمل العقل تتدخل فيه الكثير من الأمور، علم الاجتماع يبحث في هذا ويأتي كتاب “حرر نفسك من الخوف: التغلب على القلق وإلغاؤه من الحياة اليومية” للمؤلف جوزيف أوكونور، دليلاً يتناول جوهر القلق والخوف، مقدماً للقراء طريقاً نحو التحرر والسلام النفسي. يبدأ الباحث باستكشاف طبيعة الخوف، مشدداً على أنه شعور طبيعي يمكن التحكم فيه وتحويله. يشجع أوكونور القراء على مواجهة مخاوفهم بشكل مباشر بدلاً من تجنبها، لفهم أصولها ومسبباتها.
أحد الموضوعات المركزية في الدراسة هو قوة العقل، يشرح أوكونور كيف تشكل أفكارنا وإدراكاتنا واقعنا، وكيف يمكن لأنماط التفكير السلبية أن تزيد من حدة القلق، من خلال تمارين عملية، يعلم القراء كيفية إعادة صياغة أفكارهم، واستبدال المعتقدات المثيرة للخوف بأخرى تمكينية، هذا التحول المعرفي هو أمر حاسم لكسر دورة القلق وتعزيز نظرة أكثر إيجابية للحياة.
كما يبرز أوكونور أهمية اليقظة والتأمل في التغلب على القلق. يقدم تعليمات خطوة بخطوة لممارسات اليقظة التي تساعد القراء على البقاء في الحاضر والشعور بالاتزان، ما يقلل من تأثير الأفكار التي تسبب القلق. هذه الممارسات لا تخفف من القلق الفوري فقط، بل تبني أيضاً مرونة طويلة الأمد ضد الضغوط.
جانب رئيسي آخر هو التأكيد على الرأفة الذاتية والعناية بالنفس. يؤكد أوكونور أن يكون المرء لطيفاً مع نفسه ويعترف بجهوده وتقدمه هو أمر أساسي للرفاهية النفسية. يقدم استراتيجيات لتطوير عقلية متعاطفة ودمج روتينات العناية بالنفس في الحياة اليومية، وهي أمور حيوية للحفاظ على الصحة العاطفية.
خلال الكتاب، يقدم أوكونور قصصاً حقيقية ودراسات حالة توضح القوة التحويلية لأساليبه. هذه الروايات توفر الإلهام والأمل، مشيرة إلى أنه من الممكن التغلب على المخاوف العميقة الجذور وعيش حياة مرضية. كما يتناول الأوهام الشائعة حول القلق، مفنداً الأساطير ومقدماً رؤى واضحة ومدعومة بالأدلة.
“حرر نفسك من الخوف” ليس مجرد كتاب أو دراسة، بل هو مجموعة أدوات عملية لأي شخص يعاني من القلق. يجمع بين النظريات النفسية والتقنيات القابلة للتنفيذ، ما يجعله سهل الفهم والتطبيق في الحياة اليومية. أسلوب أوكونور المشجع يجعل القراء يشعرون بالدعم والفهم، ما يعزز الشعور بالاتصال والتحفيز.
في نهاية الرحلة مع هذه الدراسة، يكون القراء مجهزين بفهم شامل للقلق ومجموعة متنوعة من الأدوات لإدارته. يتعلمون مواجهة مخاوفهم بشجاعة، وتحويل أنماط تفكيرهم، وزراعة عقلية هادئة وخالية من القلق. هذا الكتاب هو مورد قيم لأي شخص يسعى للتحرر من قيود الخوف واحتضان حياة مليئة بالهدوء والفرح.
ولابد من الإشارة إلى أن تراثنا العربي ولاسيما الشعر تحدث كثيراً عن الخوف وأثره.. ومعروفة حكاية الطاعون الذي سئل لماذا قتلت كل المدينة فقال: قتلت النصف والنصف الآخر مات خوفاً..
وأبو القاسم الشابي هو القائل: ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر.