الثورة _ أيمن الحرفي:
الأطفال هم الأمل والحياة، بل هم روحها وعطرها وابتسامتها، كبروا يوماً بيوم، وعاماً بعد عام.. والآن بعد أن قدموا الامتحانات وسهروا الليالي واجتهدوا وجادوا بما عندهم ونالوا العلامات العالية، فمن حقهم إذاً عطلة فيها المرح والسرور كمكافأة لهم على جهود بذلوها ونتائج حققوها.
لكن هناك من يتربص بهم لإيقاعهم في مهاوي الخطر، هؤلاء الأعداء ربما هم أصدقاء السوء، أو ربما أعداء على شكل مؤسسات وتقنيات تغلغلت في حياة الأبناء وحملت معها (فيروسات) ربما تنخر بهم وتحرف سلوكياتهم عن السبيل السوي، فإذا ما استسلم لها وأدمنها وقع في مهاوي الانحلال والضياع، فتراهم يقعون في أسر الألعاب الالكترونية خاصة وأن أجهزة الجوال صارت في متناول الجميع وشبكة الانترنت صارت مفتوحة ومتاحة، فاحتلت عقولهم وسرقت أوقاتهم وسلبتهم كل إبداع وتفكير منطقي وأمسكت بتلابيب مخيلاتهم وأبعدتهم عن محيطهم إلى عالم آخر مآله المشكلات الاجتماعية والثقافية والأخلاقية.
وصدقت الحكمة القائلة (أولادكم ليسوا لكم أولادكم هم أبناء الحياة، مخلوقون لزمان غير زمانكم).. لكن يبقى السؤال: هل هم حقا أبناء الحياة السوية السليمة الصحيحة أم أبناء الحياة الإلكترونية بما فيها من جوال وألعاب وأنترنت مفتوح لجميع المجالات السلبي فيها أكبر بكثير من الجيد.
هذه العولمة عبر شباكها المدهشة والمثيرة أحدثت فجوة في المفاهيم بين الأجيال وفي العلاقات الأسرية، وتحول العالم من قرية تتمسك بالقيم والمبادئ والأخلاق في أسر يسودها الاحترام للأب والأم مع التفاهم والحب والمودة إلى قرية معولمة تسود فيها الماديات على حساب الإنسانيات، ولكن ما جعل هذه العولمة تأخذ دورها وتتحول من الإيجابي إلى السلبي غياب الأب والأم عن متابعة ومراقبة الأبناء.
فالأم أصبحت تأتي متعبة من العمل ولا وقت لديها لتلبية طلبات أولادها، والأب يسعى لتحصيل رزقه فيغيب معظم الوقت لتحقيق ذلك، ولم يتم تخصيص الوقت الكافي للأبناء، ونتساءل بعدها لماذا انحرف أولادنا!؟
وتبدأ بعدها سلسلة الاتهامات، فالأب يتهم الأم والعكس، والضحية هنا هو الطفل الذي فقد بوصلة التربية السليمة، وبالتالي فقد هويته وحقه كطفل، حيث الزمن والتحولات والتحديات والأخطار والمتغيرات تعصف وتدخل بكل شيء.
في هذا السياق ينبه الباحث التربوي والاجتماعي عبد العزيز الخضراء من أن أولادكم بحاجة لكم، وهم ينتظرون منكم المبادرة لإنقاذهم من هذا المعترك وإن لم يفصحوا بذلك.
وإذا كان السؤال ما الحل!؟.. الحل بأيدينا عبر بناء علاقة جديدة مع الأبناء تتسم بالحوار الهادئ والبناء مع الاحترام والتشجيع على الإيجابيات ومد جسور الثقة المتبادلة، وهذا لا يتحقق إلا بالصبر والإصغاء الفعال مع الاستمرار بالمدح الموضوعي والوصول إلى قناعات مشتركة، وبالتالي تحقيق نتائج إيجابية ما يساعد على التواصل الودود تحت مظلة الحب والحنان بعيداً عن التشنج والغضب والعصبية.
وهناك من الأسر من لم تصبهم هذه العولمة ولم تعصف بهم أو تغير في سلوكياتهم وعاداتهم، بل بقوا متمسكين بها وبقيت الأسرة مترابطة وقوية، لطالما الأسرة بدأت بالتربية منذ التنشئة الأولى عبر ترسيخ القيم والمبادئ ضمن أسس من القواعد السليمة المشتركة بين الأب والأم سارت مع مجيء الأولاد إلى هذه الحياة واحداً بعد آخر.