الثورة _ هفاف ميهوب:
منذُ طفولتها، وهي نهمة للقراءة، وكانت كلّما قرأت شيئاً جميلاً، سواء عبارة أم بيت شعر، تقوم بنسخه على دفاترها المدرسية، لتعيد قراءته فيما بعد، الأمر الذي شكّل لديها مخزوناً أدبياً، أغنته بالمزيدِ من القراءاتِ التي لم تمنعها، من أن تتفوّق أيضاً، في قراءاتها المدرسية..إنها «قمر كيلاني».. الأديبة التي دفعها هذا الشغف للقراءة، لمحاولة الكتابة التي بدأت بها، مدفوعة بموهبتها ومخزونها الإبداعي. هكذا انطلقت «كيلاني» التي توالت إصداراتها، وعمّت شهرتها، دون أن تتوقف عن قراءة الكتبِ التي قضت عمرها بينها،
وأجابت لدى سؤالها عنها، وعن نوعية ماتختاره منها:«الكتب التي كانت بين أيدينا آنذاك، كتب «المنفلوطي» و«جبران خليل جبران» والكتب المترجمة عن الفرنسية.. يومها لم يكن لديّ مجال لمحاكاةِ ما أقرأ، سوى عن طريق دروس اللغة العربية، والشروح والتفسير.. إنها العتبات الأولى التي خطوتُ فيها، إلى عالم الإبداع الذي اختلط عندي، بالكتبِ الفلسفية والثقافية»..أيضاً، ومن الأدباء الذين كانوا نهمين للقراءة «نجيب محفوظ». الأديب المصري الذي أغنى حياته، بقراءاتٍ اختارها من كلّ الأمم، واختار من كلّ أمّة أعظم وأشهر ما كُتب. كانت قراءاته متنوعة وغزيرة، في الصحف والمجلات ومختلفِ الكتبِ والأديان، ما مكّنه من قراءة حتى وجوه الناس، وقد دعا إلى القراءة، وإلى تشجيع الأطفال خصوصاً، للإقبالِ عليها والتفاعل معها، بل وتربيتهم على عشقها، قائلاً عن أهميتها وتأثيرها:»من يتوقّف عن القراءة ساعة، يتأخّر قرناً من الزمان.. القراءة كالتغذية، ومثلما يظهر أثر التغذية الجيدة في السلوك والتفكير، يظهر ما نقرأه فيما نكتب.. الكتب شجرة كبيرة نامية، وعلينا كلّنا أن نأخذ من أوراقها»..بيد أن فعل القراءة، الذي اعتُبر الأمر الأهم في حياة أغلبية المبدعين، وعلى مستوى العالم، كان له طقوس وأسئلة، تتعلق بنوعيّة الكتب التي تُقرأ، وفائدتها وكيفية قراءتها، وهي أسئلة ردّت عليها الأديبة الإنكليزية «فرجينيا وولف» بنصيحتها:»النصيحة الوحيدة التي يمكن أن يُسديها شخصٌ لآخر حول القراءة، هي ألا يتبع أيّ نصيحة.. هي أن تتبع حواسك، وأن تستخدم عقلك وصولاً إلى استنتاجاتك الخاصة.. متعة القراءة لا تنقضي ولا تتوقف.. إن حبّ القراءة، هو أعظم العطاء والنعيم»..آراءٌ لمبدعين كُثر، طُرحت حول القراءة، وكتُبٌ كثيرة صدرت حولها، فها هو الأديب والكاتب الأرجنتيني/ الكندي «ألبرتو مانغويل» يصدر مؤلفاتٍ عديدة تتمحور حول «فن القراءة» و»يوميات القراءة» و»ذاكرة القراءة» و»تاريخ القراءة».. أصدر كلّ هذه الكتب، قائلاً عن سبب انجذابه المبكّر للقراءة، التي جعلت منه قارئاً ثم قارئاً ثم مبدعاً:»أتذكّر أنني تعلمت القراءة باكراً جداً، ربما في الثالثة أو الرابعة من العمر، عندما قرأت نصّاً للمرّة الأولى. كنّا في تجوالٍ بالسيارة، ومن النافذة استطعت أن أرى الحروف المتناثرة على لوحات الطريق، وهي تتحوّل لكلماتٍ أفهمها.. كان الأمر أشبه بالسحر، لقد غدوت ساحراً وصار بإمكاني أن أقرأ..».