ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم: بكثير من الوضوح والدقة قدم خطاب السيد الرئيس بشار الأسد أمام مجلس الشعب المحددات الجديدة للمرحلة المقبلة باضافاتها والمعطيات التي أملت حضورها في لحظة فاصلة ومهمة.
فلا يخفى على أحد أن هذه المرحلة بما شهدته من تراكمات، وما أحاط بها من ضجيج وصخب، وما تم تحميله عليها أعطت انطباعاً ضبابياً في بعض الأحيان ووضعت الصورة الواحدة في إطارات متعددة، وإن كانت متشابهة في الحصيلة النهائية فكان لابد من الفرز، ولا بد من تسمية الأشياء بمسمياتها، وتحديد دقيق للتفاصيل منعاً لالتباس الاعتقاد بالتشابه.
وفي معيار الأولويات كانت المسألة أبعد من تشخيص للواقع ووضع الأطر التحليلية لمعالجة ملامح الخلل التي ظهرت في بعض جوانبه، وحين أقرت تلك الأولويات بتناسق ضروراتها، اقتضى الأمر العمل على أكثر من مستوى في الآن ذاته، حيث يكون العمل أكثر فاعلية في الأزمات وفي الأحداث الاستثنائية، وربما كان أشد تكثيفاً في مساراته الأساسية كي يتمكن من تقديم مقارباته وحلوله لكل المستجدات الطارئة.
وهذه الأولويات تبدو امتداداً طبيعياً لجزء من التراكمات في بعض جوانبها، ومشاهد اعتيادية لما نتج من خلاصات التجربة على امتداد الأشهر الماضية وإن كانت تتلاقى في الجوهر مع التشخيصات السابقة، فيما الإضافات جزء من ارتدادات تلك المستجدات.
لذلك كان الحديث بهذه الشفافية في قراءة الواقع وإعادة التأكيد على الثوابت في إطارها الأساسي تمثل تحديداً منطقياً للمرحلة المقبلة بتحدياتها ومتطلباتها وعناصر القوة التي تمتلكها إرادة السوريين، التي عبرت عن تمسكها بالوطن وثوابته.
ولم يكن تحديد ملامح الخطوط الحمر إلا خطوة في طريق بناء سياسي يشكل في جوهره القراءة الفعلية لتداعيات الأحداث ومنع الخلط المتعمد، وإفشال محاولات استمرار الجو الضبابي.
ومن المنطقي أن يكون المعيار الوطني هو ذاته المعيار الذي يتحكم باتجاهات الأحداث ومفاعيلها وأن يكون الموجه لآليات العمل، لأن الثوابت الوطنية التي أكدت تجذرها في الوجدان السوري هي الرسالة التي خطتها إرادة السوريين في مواجهتهم لمفاعيل المؤامرة ومؤثراتها.
لذلك بدت المواجهة مفتوحة مع الإرهاب بأدواته وأشكاله ونماذجه، كما هي مع أطرافه وداعميه وحماته، وأن هزيمة هذا الإرهاب مسألة محسومة بالنسبة للسوريين ولو طالت لبعض الوقت أو حاولت أن تنفذ من خلالها أدوات المؤامرة إلى حيث عجزت في السابق.
بهذه الملامح جاءت عناوين المرحلة القادمة بمسؤولياتها والمهام الملقاة على عاتق الجميع بمستويات العمل المختلفة وفي إطار المؤسسات الحاضنة لهذا العمل والمحركة له، وكان الدور الأساسي فيها لمجلس الشعب لإدارة الحوار الوطني وخلق البيئة الحاضنة لتلاقي الأفكار حول النقاط الجوهرية التي تعكس الحاجة السورية لمواجهة هذه الهجمة الشرسة.
وبإيجاز مكثف ومعبّر أبرز الخطاب الصورة الحقيقية لسورية التي يريدها السوريون بمعيار تجددها الحضاري وسموها ورفعتها، وقد استعادت عافيتها.. سورية التي تحتضن أبناءها وتكون وفية لدماء شهدائها تمنح نموذجاً حضارياً لبلدان العبودية وسادتهم التي أرسلت لنا الموت والدمار!!
a-k-67@maktoob.com