هل يتم تطويع ازمة السكن للقيام بحل جذري يعود بالفائدة على الجميع

ثورة أون لاين: عّبرت شريحة العمال العاديين أنها بهذه الفترة عوضت سنين من البطالة و قلة العمل ، وأصبح العامل الآن العملة النادرة و الصعبة في كل مكان و انقلبت الاية فهو الذي بات يضع شروطه بالعمل بعد أن كان العبد المأمور ان جاز التعبير ويطلب السعر الذي يرتئيه نتيجة الطلب المتزايد على اليد العاملة،
و قد أكد العامل محمد سرور أنه يعمل حاليا في ورشة بيتون بمنطقة الدويلعة و منذ سنة و شهر استطاع خلالها جني مرابح مادية لأكثر من عشر سنوات سابقة
بالمقابل تضرر مقاولي البناء من هذه الحركة العمرانية والذين تولوا مشاريع المؤسسة العامة للإسكان لبناء المحاضر، وبدؤوا العمل مستخدمين آلاف العمال لإنجاز هذه المشاريع خلال الفترة المتعاقد عليها، ولكن وبعد فترة ارتفعت أسعار المواد الأولية بشكل كبير إضافةً إلى ارتفاع أسعار المازوت ، وارتفاع تكاليف النقل وأجور العمال الأمر الذي نجم عنه تكبدهم خسائر فادحة وتأخير تنفيذ المشروعات الموكلة إليهم وتحملهم غرامات التأخير والتسليم، أضف إلى ذلك تأثير هذه الخسائر على قطاع عمالي كامل يضم في مجمله عدة مهن متباينة.
و حين نلاحظ حجم مخالفات البناء التي تم انجازها على مساحة القطر ندرك مقدار التخريب الحاصل فالأمر لم يعد محصوراً بغرفة أو ملحق سكني بل تجاوزه لأبعد من ذلك وأصبحت المشكلة ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وأخلاقية و تحتاج إلى حل جذري..
و المواطن في هذه المعادلة يريد حلا لمشاكله المستعصية ان لم يجد هذا الحل من الدولة سيرى أن عليه اجتراح الحلول بنفسه و حل معاناة سكان العشوائيات والتي تبدأ بعدم القدرة على تأمين الخدمات الأساسية البسيطة من ماء وكهرباء و هاتف … وقد تنتهي بانهيار المسكن، وكثيراً ما كنا نسمع عن عائلات شُردت نتيجة التصدعات والانهيارات الحاصلة في منازلها وأضحت بلا مأوى ناهيك عن المنظر العام المأساوي لهذه الأبنية وتخريبها للمظهر العمراني للمدن والإساءة أيضاً للمواطنين الذين يعيشون في بيوت تفتقر إلى أبسط شروط الحياة الكريمة .. وفي واقع الحال و رغم كل تلك الظروف الصعبة لا بد من إيجاد طريق لإيقاف هذا الامتداد الأفقي للعشوائيات والقدرة على ضبطها وتخديمها والأهم من ذلك الرقابة على عمل الوحدات الإدارية مع العمل على ايجاد حل جذري لها
تزايد أعداد المخالفات
من خلال جولة اطلاعية للثورة أون لاين على أرض الواقع لمنطقتي جرمانا التابعة لمحافظة ( ريف دمشق ) و الدويلعة التابعة لمحافظة ( دمشق ) البارحة في 2-6- و بعد أقل من أسبوعين على صدور مرسوم تشريعي بهذا الصدد تم ضبط عشرات الابنية يتم تشييدها هناك و على عينك يا تاجر انها ابنية متكاملة و ليس شقة صغيرة لشاب يريد أن يتاوى بها العملية تجارية بحتة فالبيوت التي تم رصدها كلها أبنية مطلة على الطرق العامة ليتم الاستفادة من المحال التجارية التي ستغطي كافة تكاليف كل بناية ان لم يكن أكثر
أين هي المشكلة
لا شك المشكلة ليست بالقوانين ولا بالمراسيم، ففي إطار بحث الحكومة عن حل هذه الظاهرة أوردت المرسوم التشريعي رقم 59 للعام 2008 والذي ينص على أن جميع المخالفات وإشادة بناء من دون ترخيص أو إشادة أعمال بناء مخالفة للترخيص الممنوح عند ضبطها يتم اتخاذ إجراءات متمثلة بإزالة الأبنية المخالفة ومخالفات البناء كافة ومهما كان نوعها بالهدم، وترحل الأنقاض على نفقة من كانت المخالفة بحقه، وكذلك إحالة الضبط إلى القضاء لتقوم النيابة العامة بتحريك الدعوى العامة بجرم مخالفة بناء، وتتراوح العقوبات بين مالية وعقوبة السجن حسب حجم المخالفة.
ونرى بعد كل هذا اختراق بعض المؤسسات والوحدات الإدارية لهذه المراسيم واعتراف وزير الإدارة المحلية السابق أن عدد كبير من رؤساء البلديات ومجالس المدن تم إعفاؤهم لأسباب تتعلق بالفساد والإهمال وعدم تنفيذ القوانين وبشراكة متعهدي البناء الذين حرم بعضهم من مشاريع القطاع العام وبعضهم متخصصون في مشاريع البنى التحتية من صرف صحي ومياه وتجديد شبكات وتعبيد، والذين وجدوا وللأسف في كثير من الأحيان من يدافع عنهم.
و تحول الامر حاليا نتيجة الظروف الراهنة الى فرصة تجارية بحتة لجني ثروات وتحقيق مكاسب مالية وبعض المتعهدين من أصحاب النفوس الضعيفة والذين لا يتاجرون فقط بأموال الناس بقدر ما يتاجرون بأرواحهم ما بدد مساعي الحكومة بإنعاش القطاع السكني، وقد أكدمدير الشؤون الفنية في وزارة الإدارة المحلية المهندس مهند جنيدان ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية لمنع انتشار الأبنية المخالفة وطلبت من جميع الوحدات الإدارية والبلديات في المحافظات تطبيق التعليمات التنفيذية وإيقاف جميع التجاوزات تحت طائلة المسؤولية.
و يضيف المهندس جنيدان كل هذا ولم تتوقف حركة البناء العشوائي، وبررت بعض البلديات أنها قامت بضبط بعض المخالفات ولكنها لم تقم بالهدم لئلا تخلق احتكاكاً سلبياً بين المواطنين وعناصر الشرطة.. وبالمحصلة فهي مشكلة تحتاج إلى حل، ليس فقط بهدم العشوائيات وإنما بتأمين سكن للمواطن.. سكن يستطيع المواطن الحصول عليه!
تمديد المهلة
من جانب اخر قامت وزارة الإدارة المحلية حسبما أوضح جنيدان بتمديد مهلة تسوية المخالفات السكنية القائمة بهدف تشجيع المواطنين على تسوية مخالفاتهم القابلة للتسوية، واشترطت الوزارة أن يقدم صاحب العلاقة طلب تسوية المخالفة وتسجيله في ديوان الوحدة الإدارية أو البلدية أو مديرية الخدمات الفنية قبل تاريخ 17 حزيران القادم على أن يتم استكمال إجراءات التسوية وحسابها أصولاً ودفع الغرامة إلى صندوق الجهة المعنية قبل تاريخ 31/ 12/ 2011.

و مما يلفت النظر بعض المحاولات التي برزت للانتهاء من أزمة السكن العشوائي ومنها الجمعيات السكنية التعاونية، فمنذ أن أقر مجلس الوزراء مشروع قانون التعاون السكني الجديد وإنهاء العمل بالقانون رقم 17 لعام 2007 وبهدف تحسين بيئة العمل في قطاع التعاون السكني، وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص لذوي الدخل المحدود بما يتلائم مع دور التعاون السكني في المرحلة المقبلة، وفصل جمعيات السكن والاصطياف للتركيز على المسكن الدائم الموجه لذوي الدخل المحدود والذي يحظى باهتمام الدولة ورعايتها فلا شيء حتى الان برز كحل حقيقي للأزمة .
وما ينتظر من هذا القانون الاسهام بتأمين الشقق السكنية بأسعار مرضية ومقبولة قد تصل إلى حدود التكلفة، ويعد المشروع بتأسيس صناديق للإقراض السكني لمدة طويلة تصل إلى 25 سنة وبنسب منخفضة من الفوائد، وإمكانية تأمين الأراضي للجمعيات السكنية للقطاعين العام والخاص بعد سنوات وسنوات من الانتظار إلى جانب مجموعة من المزايا التي سوف تدعم القطاع السكني، فغياب المخططات التنظيمية في أغلبية المحافظات والتلكؤ في إنجازها ساعد في تفاقم واتساع مساحة السكن العشوائي وساهم أيضاً في التعدي على أملاك الدولة وندرة الأراضي والمقاسم التي يمكن تخصيص الجمعيات السكنية بها.
وفي العموم تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة، فتأخير صدور المخططات التنظيمية وقصور التخطيط العمراني، وعدم تخصيص أراضٍ صالحة للبناء وتساهل الوحدات الإدارية والبلديات، ومساهمة تجار الأراضي والسماسرة في تشجيع السكن المخالف كلها تساهم في تأخير عملية الإصلاح.
حلول مقترحة
وعن حلول مشكلة العقارات يعتقد مدير بيئة ريف دمشق المثنى غانم أن: «الحل الوحيد هو مساحات منظمة مخدمة بالبنية التحتية بسعر رمزي يضاف عليه تكلفة البناء وهامش ربح محدد للمطور يسوق من خلاله منتجه ليحل مكان الجمعيات السكنية التي يمارس بعض مجالس إداراتها الإتجار بالعقارات والإثراء على حساب المساهمين،
و من وجهة نظره يرى غانم ان تجربة الجمعيات السكنية لم تعطِ النتائج التي أوجدت من أجلها، وبانتظار إعلان المخطط على الهيكل العام وتحديد مناطق التنمية ومناطق التوسع لتأمين مجمعات سكنية لكافة فئات المواطنين حسب إمكاناتهم سيحفز المطورين على تلبية الطلب وفق معطيات السوق مع الالتزام بقوانين العدالة الاجتماعية التي يجب أن تكون محوراً ومنهجاً لكافة النشاطات وأهمها نشاط التطوير العقاري».
و يشير غانم أن العديد من الخبراء الاقتصاديين في القطاع العقاري لا يجدون أي بوادر في تحريك أسواق العقارات على المدى القريب لأن المطلوب لتحريك هذه الأسواق والأسعار الحالية والعرض والطلب لا توحي بأن هناك من نية لدى الشركات وأصحاب العقارات أن يتخلوا عن هامش ربحهم الكبير من أجل إطلاق عمليات البيع والشراء في هذا القطاع، ولذلك بات من الضروري المزيد من التدخل الحكومي لحلحلة الأسواق وذلك ممكن من خلال تقديم كل التسهيلات الممكنة سواء عن طريق البنوك والمصارف العامة أم الخاصة لأن هذه البنوك والمصارف لديها مخاوف من عمليات الإقراض على المدى البعيد وأغلبها تقوم باتباع سياسة القروض المتوسطة والقريبة التي يستفيد منها غالباً فئات قليلة من المواطنين ممن لديهم دخول إضافية لتغطية مثل هذه القروض، وما يسمى بالقرض العقاري والتجاري والميسر وغيره لم تكن ميسرة لأصحاب الدخل المحدود لأن رواتبهم لا تقوى على سحب مثل هذه القروض التي تتجاوز بكثير رواتبهم المتآكلة أصلاً.و يتوقع غانم أن قيام الدولة بالاشراف على عملية اعادة هيكلة كافة مناطق العشوائيات سيدر عليها مرابح طائلة فالعشوائيات ممتدة بشكل أفقي و قيام أبنية طابقية نظامية سيوفر أكثر من 60 % من المساحة الكلية ف 40 % من وجهة نظره كافية لتغطية احتياجات السكان المتواجدين و هذا اجراء فيه حل لمشاكل حوالي 40 % من سكان سورية الذين يسكنون بالعشوائيات و فيه مرابح خيالية للدولة على المستوى العام
و السؤال الذي يبقى عالق في الاذهان هل نلمس تحركات جدية في هذا الاطار على المستوى المنظور .

 

ثورة أون لاين: موسى الشماس
 

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص