رشا سلوم:
تمر هذه الأيام في شهر تموز مئة وأربع سنوات على ولادة “محمد ديب” الكاتب والشاعر الجزائري الكبير، وبهذه المناسبة تحتفي الأوساط الثقافية به وتقوم دور نشر عربية في الجزائر وتونس بإصدار ترجمة عربية عن اللغة الفرنسية لمجموعة “الطفل الجاز” أبرز مجموعات محمد ديب الشعرية، وقد قام بالترجمة الناقد المسرحي والقاص والمترجم الجزائري “جروة علاوة وهبي”.
وقعت الترجمة في 162صفحة، وبغلاف جميل للفنان السوري “رامي شعبو”، وتضم المجموعة 107 قصائد.
بطاقة..
محمد ديب كاتب جزائري من رواد الكتابة السردية والشعرية في شمال إفريقيا، ومن كبار الكتّاب باللغة الفرنسية ليس في بلده الجزائر فقط بل في العالم بأسره.
ولد “محمد ديب” في 21 تموز 1920 بمدينة تلمسان، وتوفي بمدينة سان كلو بفرنسا سنة 2023.
هو كاتب روائي وقاص وشاعر ومسرحي باللغة الفرنسية. له ما يزيد عن الثلاثين كتاباً بين الرواية والقصة والشعر والمسرحية. حاز ديوانه طفل الجاز على جائزة الشاعر مالارميه كما أحرز عدة جوائز أخرى منها “بروكيت” – جائزة الفرانكوفونية.
من أشهر أعماله ثلاثيّته الأولى التي تنبأ فيها بالثورة التي انفجرت سنة 1954 وهي “الدار الكبيرة” و”الحريق” و”النول”.
أمّا ثلاثيّته الثانية فهي ثلاثية الشمال: “سطوح اورسول”، “إغفاءة حواء”، “ثلوج المرمر”.
ومن أعماله الشهيرة كذلك نذكر: “إله وسط الوحشية”، و”سيد القنص” و”هابيل” و”إذا رغب الشيطان”.
كما صدر له أربع مجموعات قصصية، وخمس مجموعات شعرية، وثلاث مسرحيات.
وجاء في كلمة الناشر:
استطاع محمد ديب ومنذ أعماله الأولى/ الثلاثية، أن يثبت بأنه روائي كبير وأن يجد مكانه تحت الشمس إلى جانب كبار الكتاب في العالم. ولم تكن الثلاثية فلتة أو بيضة ديك كما يقال إذ جاءت أعماله الأخرى بعدها لتؤكد أنه سيد في فن الرواية، وأنه شاعر من ذلك النوع الذي لا يكتب تهريجاً ولا يعرف المديح ولكنه يكتب بحد السكين فيحز ما يجب حزه من الظواهر ويعرف كيف يضع إصبعه على الجرح، ليس تلذذاً بالألم الذي ينتج عن ذلك إنما القصد أن يفقأ الدمّل حتى يخلص الذات من الدم الفاسد ويطهرها من الأدران.
كانت الثلاثية ملحمة نضال أبناء الجزائر، ملحمة الشعب الجزائري ومقاومته للاحتلال الفرنسي، ملحمة الرفض، رفض الجسم لهذا العنصر الدخيل. ثمّ تأتي الأعمال الأخرى “صيف إفريقي” من “يذكر البحر” “رقصة الملك” وغيرها، لتؤكد أن ديب من صنف عظماء الأدب عالمياً.
وكان محمد ديب يكتب شعراً ما لا يُمكنه كتابته رواية والعكس صحيح فتأتي قصائده قصيرة مكثفة ومضات برق حارقة أحياناً وغنائية هادئة أحياناً أخرى. بدءاً من “الظل الحارس” ووصولاً إلى “فجر إسماعيل والطفل الجاز”.
إنك حين تمسك بواحد من أعمال هذا الكاتب وتقع عينك على جملة المفتتح في الرواية لا يمكنك أن تتركها إلا وعينك تتابع أحرف الجملة النهائية.
إنه محمد ديب السيد الكبير الذي لا يتقن لغة إذلال الذات كما الآخرين ولا يعرف لغة النفاق كما الآخرين ولا يراوغ الساسة كما الآخرين.
هو لم يكتب سوى للوطن وعن الوطن. كل رواياته وكل أشعاره تقول ذلك. إن الجزائر – الوطن – مغروسة بين حروفه، وفي ثنايا كلماته. وبعد مرور سنتين على رحيله الأبدي يحق لنا أن نتساءل من جديد: ألم يحن الوقت بعد للاحتفاء به واستعادة نصوصه؟. إنّ من حق نصوصه علينا أن نعيدها إلى لغة وطنها الأصلي، من حقه علينا أن نعمل على ترجمة نصوصه ونشرها هنا في وطنه –الجزائر- ترى هل يتحول الحلم إلى الحقيقة وتتحول الأمنيات إلى واقع؟.
هذا بعض ما جاء في مقدمة المترجم الجزائري، وفي سياق الاحتفاء بمحمد ديب القامة الإبداعية والوطنية تساهم دار الشنفرى من تونس باستعادة نصوصه من لغة المُغتَرب الاستعماري إلى لغة الوطن الذي قاوم أكثر من قرن إلى أن افتكّ حريته وأنجز استقلاله بإرادة وكفاح وأرواح ودماء ملايين الشهداء.
ولا بد من الإشارة إلى أن الشاعر السوري الراحل سليمان العيسى بالتعاون مع الدكتورة ملكة أبيض زوجته كان من أوائل من ترجم إبداعه إلى اللغة العربية.