الملحق الثقافي- حسين صقر:
معروف أن لكل إنسان هواية يستطيع تنميتها بالقراءة والاطلاع، والممارسة والسؤال ومواصلة البحث عما هو جديد،
والكتابة إحدى تلك الهوايات، لأنها الوسيلة الأخرى بعد المحادثة لنقل ما لدينا من أفكار ومعلومات إلى الآخرين، حيث أكتسبت هذه المهارة أهمية كبيرة عبر التاريخ، لأن الإنسان عرف الأخير بكل تفاصيله من خلال ها ووثق ما لديه عبرها، لذا فهي تأخذ دوراً كبيراً في مراكز التعليم بمراحله المختلفة، كما بين الشعر والنثر والقصة والرواية.
أهمية الكتابة ومهارتها تتمثل في القدرة على تكوين الجمل والعبارات والفقرات التي بدورها تحرض لمعرفة المعاني والأهداف التي يريد الكاتب أن يعبر عنها، كما تتمثل بالقدرة على ترتيب الأفكار بشكل جيد حسب ما تقتضيه طبيعة كل لون من ألوان الكتابة، يقابل الكتابة فن التحدث والإلقاء، والذي من خلاله يستطيع المتحدث ترجمة أو قراءة المكتوب عن الورقة أو تغييبه دون الرجوع إليها، والإلقاء أيضاً إحدى الهوايات التي تكمل الكتابة، لكن ليس شرط كل من يكتب يستطيع الإلقاء، ولا كل من يستطيع الإلقاء قادر على الكتابة، حيث هناك من يستطيعون كتابة نحو خمسمئة كلمة بينما لايقدرون على إلقاء عشر كلمات، مايجعل أهمية الملقي أكثر ممن يكتب، أو يتساوون في نظر المثقفين ومن لهم باع في هذا المجال.
فمهارات اللغة الشفهية إلى جانب المهارات اللغوية الأخرى ضرورية حتى يستطيع الكاتب إيصال فكرته، ولاسيما أنه يتعين على هذا الشخص أن يكون قادراُ على الاحتفاظ ذهنياً بفكرة واحدة خلال صياغته أو تعبيره بالكلمات و الحمل عن هذه الفكرة أو تلك. كما يتعين على الكاتب ان يمتلك ذاكرة بصرية وحركات كافية وفعالة في الفكرة التي يعبر عنها، وهنا تتكامل أنماط الذاكرة هذه مع القدرة على التآزر النفسي والعصبي بالعلاقة بين العين واليد.
كذلك الكتابة بشتى أنواعها سواء أكانت نثرية أم قصصية أم شعرية أم كتابة موضوع التعبير لابد لها من توافر مجمو عة من الأدوات حتى تمكن الكاتب من الكتابة مثل القلم والورقة أو الآلة الكاتبة أو محرر النصوص. فالكتابة هي كلام يبرز على الورق سواء أكان منقول عن الآخرين أم نتاج العقل البشري الخالص وهذا النتاج إما أن يكون علمياً بحتاً أو نتاجاُ أدبياً وإبداعياً، ولهذا فالكتابة هي المهارة التي تتجسد فيها كل المهارات الأخرى.
بينما الإلقاء أمام الجمهور يعتبر امتحاناً صعباً بالنسبة للكثيرين، خاصة إن لم يكن المرء معتاداً على مواجهة مجموعة كبيرة من الناس، وذلك من خلال تعلم النطق السليم وتجنب التلعثم والتأتأة في الإلقاء، وقادر على على استذكار المعلومات، ومقاومة نسيانها أثناء الخطاب،
ولهذا فلغة الجسد وفن الإلقاء مهمان جداً، لأن الخوف من الجمهور من أكثر المشاعر الطبيعية التي تنتاب الخطيب، ولا نبالغ إذا قلنا إن التخلص من التوتر والارتباك والخوف بمواجهة الجمهور أمر شبه مستحيل، لكن الخبرة التي يمكن أن تكتسبها هي السيطرة على الخوف من الجمهور، حتى أكثر المشاهير جرأة ينتابهم الرعب في اللحظات الأولى على المسرح أو المنصة.
بالنتيجة كثيرون من يتمنون أنفسهم لو يستطيعون الإلقاء الجريء، دون كتابة صفحات، لأن الإلقاء أهم بكثير من وجهة نظرهم، فيما يعتقد آخرون أن لولا الكاتب لما كان هناك متحدث والحرب سجال.
العدد 1196 –9 -7-2024