الملحق الثقافي- خالد حاج عثمان:
الإبداع هبة من الله..ومنحة إلهية…
لم ينفرد بها جنس دون آخر…
فكلّ إبداع ومهما تعددت مجالاته- الأدبية والفنية والعلمية والسلوكية والمهارية والمعمارية …-هو قيمة مضافة للإنسان الفرد والمجتمع وبالتالي يمثل حالة صحية صدرت من أي جنس كان…الذكر أم الأنثى…
ففي العصورالقديمة انحصرت البطولات والقوة الجسدية والعضلية في الرجل « الذكر « بينما ارتبطت الآلهة وتجسيد الوهيتها وقواها الخارقة والسيطرة…بالمرأة « الأنثى « وقد عبدت العديد من الإناث ملكات وأميرات وساحرات…وذاك في العهد الوثني….من فترات التاريخ…..
وهذا نوع من الإبداع الإنساني وتجلياته الحياتية..ووقتها مثل حالة خاصة مالبثت أن تمددت وغدت مقبولة وعامة في الحضارات القديمة..البابلية واليونانية والرومانية والسورية…..
أما فيما يرتبط بالإبداع في شتى صنوفه وأجناسه ومناحيه الأدبية والفنية التشكيلية والموسيقية وووو فإن ذلك لم يعد حكراً على جنس بعينه دون آخر إلا أن يطرح سؤالاً وجودياً هو…
هل تأنيث الإبداع حالة صحية أم ظاهرة..وهو السؤال الكبير الذي طرحناه على عدد لابأس به من المبدعين…ذكوراً وإناثاً ..وكانت الإجابات على الشكل الآتي:
-الاستاذ نادرعمران الحقوقي المتابع للشأن الثقافي والعلمي والسياسي:
بصراحة (وكرأي شخصي ) إن مشاركة المرأة بشتى المجالات ومختلف المحافل ليس منحة أو هبة من الرجل ، وخاصة في المجتمعات التي سادت فيها الذهنية الذكورية .
فمشاركتها هي حالة طبيعية و صحية أيضاً وتدل على أن المجتمع يسيرعلى السكة السليمة وبانسيابية تسهل عليه الارتقاء بالواقع الذي يعيشه .
ولن أتحدث عن العكس لأني أرى أن الدخول فيه يعني أننا نغلب الاستثناء على القاعدة ….وهذا يجافي العقل والمنطق والوجدان .
المرأة (وبغض النظر عن ذكر مكانتها المجتمعية ابتداءً من العصور القديمة وانتهاءً بالعصر الراهن ) لم تكن أصلاً إلا النصف الثاني( أو المكمل ) للرجل مهما طغى وتجبر عليها الزمن أو أعلى من شأنها …..وهنا أقف عند نقطة هامة ….ليس المقصود بالعملية التكميلية أنها ذكورية أو حكراً على الرجل فقط …لا ….بل المقصود أنها هي وهو باتحادهما يخلقان الإنسان ….الإنسان الكامل الخالي من العيوب والنواقص قدرالإمكان .
وبعودتنا إلى جوهرالفكرة المطروحة نجد أن مشاركة هذا الكيان اللطيف (المكمل ) ماهو إلا دليل نضج المجتمع وارتقائه يوماً بعد يوم .
أما بالنسبة لتراجع المبدعين الذكور فاعتقد أن الأمر يجب أن يخضع لمعايير تقييمية واستبيانية أولاً لنقف عند سبب هذه الظاهرة …… هل سببها نضوج المرأة على حساب الرجل -مثلاً – أو هل هو بسبب انشغال الرجل بسبب ظروف الحياة وقسوة المعيشة ؟!!!!!!
هل للعملية التربوية تأثيرعلى ذلك ؟!!!!!!
وهل قلة عدد الرجال بالنسبة للنساء له دور أيضاً ….وهل للإعلام ووسائل العالم الافتراضي دورفي تغليب جنس على حساب الآخر ؟!!!!!!
كل هذه العوامل يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار .
ورغم ماتقدم لا نجد في أن الإبداع حكراً على جنس دون الآخر ولا بزيادة عدد المبدعين الإناث على الذكور هو انتقاص من الرجل … بغض النظر عن بعض الظروف المحيطة التي تعيق العملية الإبداعية .
– الأديبة رنيم خالد رجب:الإبداع لايقتصر على جنس معين
للمرأة أهمية كبيرة
لعبت الأنثى دوراً مهماً منذ بداية كتابة الشعر لكن كانت مقيدة أن تكون شاعرة بذاتها حتى آن الأوان
حطمت القيود وحلقت في سماء الإبداع.
أثبتت وجودها أدبياً وعلمياً حتى أصبحت اليوم تاء التأنيث في مضمار السباق إلى جانب الذكور في الشعر ومجالات الحياة كافة..
د.زهير سعود طبيب وناقد وأديب: ..
يتضمن السؤال حول تأنيث المشهد الإبداعي نقطتين مهمتين لا تعارض فيهما، أولها: اعتبار التأنيث ظاهرة وهي كذلك بالفعل منذ انطلاقة العمل الإبداعي في غابر الأزمان وحتى بلوغ أوجه وارتفاع حصيلته في العقد الأخير للقرن العشرين، وقبل الحديث في تجليات الظاهرة على مستويات الأثرالإبداعي لابدّ من تأكيد عدم التعارض مع اعتبارالأمر حالة صحيّة تلائم روح العصر وحركته الإبداعية وهي النقطة الثانية التي تضمنها السؤال. ولو تعمقنا في دراسة ظاهرة تأنيث المشهد الإبداعي الحداثي، فسوف نحصل على وجهات تأكيدية شاملة لحركة الإبداع بدءاً بالدراسات النقدية الحداثوية ومروراً بتجليات الذات النسائية المبدعة والتي برز منها عدد مهمّ من أسماء نسائية دخلت بقوة للمشهد الإبداعي وأثرت فيه من خلال خصوصية كتابتها، مثل إليف شافاق وناتالي ساروت وكريستانا وأجاثا كريستي وأحلام مستغانمي وكثيرين غيرهم.
وختاماً :ظهور التأنيث كصفة واسمة للعمل الإبداعي في الشخصية السردية والتمجيد الشعري والتباهي بإبراز المفاتن الأنثوية عبرسفورها أو استنطاقها من خلف حجاب في الرسم والنحت، هذا ولو تعمقنا في التأنيث اللفظي لحركة المشهد الإبداعي فنحن إزاء ألفاظ أنثوية وصفت القصة والمسرحية والقصيدة والمقالة وغير ذلك. إن مافتح شهيتي للحديث عنه هو حركة النقد الإبداعية التي اعتمدت الأنثى في التعبير عنها وأكثر من عبّر عنها بين العرب هو أستاذ النقد في كلية الآداب لجامعة الملك سعود، وهو عبدالله الغذامي صاحب كتاب تأنيث القصيدة والقارئ المختلف، وقد أراد في كتابه البحث عما دعاه آفاق الخطاب المهمّشة والراسخة عميقاً تحت خفايا المتن أو مادعاه بأقنعة البليغ الفحولي، جعل الكاتب كتابه قسمين الأول حديث عن التأنيث والآخر عن قارئ مختلف يرصد رحلة المعنى من الشاعر للقارئ، وهو بذلك أظهر أسلوباً جميلاً لتطوير فاعلية النقد مستلهماً مزايا رولان بارت وجاك دريدا في إبداعهما اللغوي، ونحن هنا إذ قدمنا لمحة موجزة عن أسلوب تطوير العمل النقدي للكاتب فقد أردنا استشفاف لغة التأنيث البادية في رحلة الكاتب والنظر لما هو جميل ومخفي في الإبداع باعتباره يليق بوصف الأنوثة. أما الشاعرة الكويتية سعاد الصباح فقد كتبت القصيدة أنثى والأنثى قصيدة…
– الشاعرة سناء سفكوني:
-تأنيث المشهد الإبداعي
ظاهرة أم حالة صحية»
أولاً:الابداع يعتمد على الخصائص الفطرية للإنسان المبدع وذكائه ومواهبه والقدرة على خلق الجديد.
تأنيث المشهد الإبداعي لم يكن ظاهرة أبداً بل كانت الأنثى جزءاً هاماً من هذا المشهد.
فإذا كانت الحياة الثقافية وأغراضها مناطة بقلم وابداع الرجل وحده بقيت الحياة الابداعية ضمن منظور واحد وقيم واحدة مما يجعل هذا المنظور والقيم عسيرة على التبدلات الجذرية.
الأنثى المبدعة الآن شاعرة ، قاصة، فيلسوفة، سينمايية، راقصة، تشكيلية، يمتد خطابها الإبداعي مساحات واسعة
أعمال الأنثى تتسم بالعمق والصراحة والإحساس العالي بالجمال
نون النسوة أعطت المشهد الإبداعي أفقاً أرحب وفعلاً انسانياً بسياقات جمالية متميزة .
– الشاعروالإعلامي رباح سليمان:
لا أظن أن الإبداع الثقافي مسألة شائعة، الإبداع حالة نادرة وشائكة، ولهذا فقد كثرت أعداد الكتاب والكاتبات وقلتْ أعداد المبدعين والمبدعات وساهمت بذلك مواقع التواصل الاجتماعي مساهمة سلبية وظهرت أشكال جديدة من الأدب وجدت المرأة من خلالها وسيلة للكتابة السهلة وكذلك الرجل، لكن المرأة وجدت في هذه المواقع فرصة أكبر لاختراق الحصارالمفروض عليها، وربما كان هذا سبباً للأعداد الكبيرة التي لجأت للكتابة على حساب النوعية .
أعود للقول:إن الإبداع حالة نادرة وليست حكراً على الرجل لكن استسهال الكتابة من قبل أغلبية النساء والرجال هو ما يسيء للساحة الثقافية وأظن أن هذه حالة مرضية وليست حالة دالة على توازن وصحة المجتمع.
العدد 1196 –9 -7-2024