الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
هل نصدّق نجيب محفوظ على لسان إحدى شخصيّاته بفكرة أن: «المرأة في الأصل عجينة طريّة، وعليك أن تشكلها كما تشاء، واعلم أنها حيوان ناقص العقل والدين، فكلمها بأمرين، بالسياسة والعصا»، ولماذا اعترف الكتّاب عبر أدبهم بعدائيتهم وكراهيتهم للمرأة، كالمعرّي والعقّاد والحكيم؟ لدرجة أن اشتَهر عباس محمود العقاد في الأدب العربي باسم «عدو المرأة»، وانعكست كراهيته وعداوته للمرأة في كثير من كتاباته وفقاً لما بينته الدراسات؟ ولن أدعي بأنني اطلعت على كل ما صدر في العالم من أدب، لكني لم أصادف فيما قرأت لأدباء من الغرب أو الشرق أيَّ رجل أديب لم يتحرر من هذه الفكرة القديمة مهما كتب عن المساواة ومناهضة العنف ومقاومة الظلم وحقوق الإنسان والحريّة.
منهم الأديب الروسي تولستوي يقول: إن «المرأة أداة الشيطان»، إنها غبية في جملة حالاتها، ولكن الشيطان يعيرها دماغه حين تعمل في طاعته.
معترفاً «فرويد» بأن الرجل يكره المرأة، وأنه ينظر إليها كمصدر للخطر، وفي كتابه «التحريم والعذريّة»، يقول: «إن عادة الرجل أن يُسقِط كراهيته الداخلية العميقة على العالم الخارجي، أي ينسبها إلى أي شيء يكرهه أو أي شيء لم يألفه»
وبالعودة إلى العقاد الذي قال: «الرياء الأنثوي الذي يصح أن يقال فيه إنه رياء المرأة خاصة، إنما يرجع إلى طبيعة في الأنوثة تلزمها في كل مجتمع، ولا تفرضه عليها الآداب والشرائع، ولا يفارقها باختيارها أو بغير اختيارها».
ويريد العقاد هنا أن يسلب المرأة إيجابيتها في المكر والرياء، كما سلب أسلافُه الفلاسفة إيجابية حواء في الشر، وقالوا: إن الشر لم يقع بإرادتها واختيارها، وإنما بإرادة آدم، أو إرادة الإله.
إذاً، إن محاولات الرجل للإقلال من إيجابية المرأة وقوّتها ظلّت تشغل حيزاً من ذهنه، لكنها ظلت كالشبح الجاثم على فكره، لا يستطيع طرده من ذهنه، أو الفرار منه حيثما ذهب.
العدد 1196 –9 -7-2024