الثورة – بشرى فوزي:
يحاول الأهل تقديم أفضل ما لديهم لأطفالهم بدافع الحب والحنان ويسعى الأبوان إلى تلبية كل الاحتياجات المادية والمعنوية لأولادهم ومن الطبيعي أن يكثر الأهل من دلال أبنائهم وخاصة في مرحلة الطفولة ولكن من المعروف أنّ الدلال حين يزداد عن حد معين يصبح له أثر سلبي في نفسية الطفل.
طفلي مدلل وأعلم مدى الخطأ..
ديمة شحود أم لطفل لا يتجاوز عمره خمسة أعوام وهو طفلها الوحيد والذي أنجبته بعد معاناة طويلة فقد واجهت مشاكل صحية منعتها من الحمل وتضيف طفلي مدلل جداً وقد اعتاد على تلبية كافة رغباته بدون عناء كما قالت إنها تعلم بالخطأ الكبير الذي اقترفته رفقة زوجها بالإفراط في تدليل طفلهم ولكن وحسب قولها لديها مشاعر جياشة تكفي لعشرة أطفال ولا أستطيع حرمانه من شيء بالرغم من أني متأكدة أنّ الدلال الزائد يؤذيه وليس في مصلحته ولكن ليس لدي القوة للقسوة عليه فهي تراه أنانيا وعنيفا ومتسلطا ولكن تعلقها به يغطي كل السلبيات في شخصيته وفق رأيها
محاذير الدلال الزائد..يرى الباحث الاجتماعي أحمد عثمان أنّ الدلال الزائد يجعل الطفل متواكلاً ولا يستطيع الاعتماد على نفسه كما يتصف الطفل المدلل بالأنانية والعصبية فهو طفل يثور إذا لم تلبَّ طلباته على الفور وأضاف عثمان إلى أنّ الطفل المدلل يكون فوضوياً ولا يقوم بأي عمل يخصه كأن يرتب سريره ويشعر بأنّه مميز عن أقرانه ولا يشاركهم أي شيء بل يميل إلى مقارنة نفسه بالبالغين فهو يرى نفسه جزءاً منهم كما قال عثمان أنّ الطفل المدلل بشكل مفرط هو طفل فاشل دراسياً غالباً لأنه لم يعتد الالتزام بكلام أحد فيجد صعوبة في الالتزام بكلام معلميه ويعتبر التعلق المفرط بالأهل وخاصة الأم من أبرز مساوئ دلال الأطفال كما يؤثر الدلال الزائد على الطفل ذاته فيجعله منبوذاً في مجتمعه وبين أقرانه لاحقاً وهو أيضاً طفل لا يقدر قيمة المال لأنه اعتاد الحصول على كل ما يربد
وأمّا طريقة التعامل مع الطفل المدلل قال الباحث عثمان أنّه على الأهل بأنّ هناك قواعد معينة عليه الالتزام بها وأضاف يتوجب على الأهل الالتزام بتلك القواعد فالطفل يقلّد والديه تلقائياً كما بين أهمية الاعتدال في التربية وإظهار المشاعر وذلك بالبعد عن إحاطة الطفل بالحب الزائد والخوف المفرط وحمايته بشكل مستمر وأشار إلى أهمية وضرورة تحقيق العدالة والمساواة في المعاملة بين الأخوة وأضاف من المهم وضع وقت محدد للعب وحثه على تنظيم وقته والنوم في وقت محدد والالتزام بساعات الدراسة موضحاً أهمية أن يكون الأهل حازمين في عدم السماح لطفلهم بتغيير نظامه اليومي كما يحلو له.
مهام بسيطة للطفل..
كما تحدث عثمان عن ضرورة معاقبة الطفل عندما يخطئ وعدم تلبية كل طلباته ومشاركته في النشاطات الصيفية والرياضية حتى يعتاد على الانخراط في المجتمع وتعليمه الصبر فالطفل المدلل هو طفل لحوح جداً كما أشار إلى ضرورة توكيل مهام بسيطة للطفل تناسب عمره وقدرته الجسدية
يخلق الاتكالية..
يخلق الدلال الزائد لدى الطفل وبحسب عثمان الاتكالية فهو يطلب وينتظر من الآخرين القيام بما عليه فعله بنفسه فيتعلم الطفل الاتكالية والكسل وعندما يتجاوز الدلال الحد المقبول ويصبح عبئاً على الأهل والأشقاء والأصدقاء فهو يؤثر على شخصية الطفل وطبيعة رؤيته وإدراكه لمفاهيم الحقوق والواجبات
لماذا يدلل الأهل أطفالهم؟..
يقول الباحث عثمان بأنّ هناك أسبابا كثيرة منها تعويض مشاعر الحرمان الذاتية للأهل فقد يكون أحد الأبوين تربى بطريقة وظروف معينة جعلتهم محرومين من رغباتهم وأمنياتهم وهنا يدللون أطفالهم ظناً منهم أنهم يجنبوهم المرور بنفس الظروف إضافة إلى إصابة الطفل بمرض معين والعادات والتقاليد الاجتماعية السائدة والتي تفضل تدليل جنس على حساب آخر كتفضيل الذكر على الأنثى وحالة الطفل الوحيد والتأخر في الإنجاب والعواطف المبالغ فيها والوضع الاقتصادي للأسرة فالأسر الميسورة لا تريد حرمان أطفالها من أي شيء
ختاماً:
تعديل تربية الأطفال (الدلال المفرط) ليس أمراً مستحيلاً ولكنه صعب قليلاً ويحتاج إلى إرادة وإصرار وتحكيم للعقل أكثر من العواطف كي ينشأ طفل ذو شخصية متوازنة نفسياً قادر على مجابهة صعوبات الحياة المختلفة والتأقلم على الظروف الصعبة.