الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
لن أنسى مرحلة تأسيسي الابتدائي وأنا أنهل من أفكار الأديب ميخائيل نعيمة في كتبِ القراءة الذي كان له دور كبير في التوعية والمعرفة والتربية أيضاً، وقد أوضح رأيه بالمدرسة والهدف من التعليم في مقالته «المعرفة والمدرسة» في كتاب» زاد المعاد» فكتب: «إنّ المعرفة التي أكلّمَكم عنها لا تنال في مدرسة أو مدارس، المعرفة كالله في كل مكان، كما أنّه من الجهل أن ندّعي للمدرسة ما هو أوسع من نطاقها، إنه لَمِن الحَيف أن نطلب المعرفة من المدرسة وحدها. فنراها بحراً يغرف منه الطلاب ونراها ساحرة تقوّم كل ما فيهم من اعوجاج، وتُصلِح كل ما فيهم من فساد، وتبدّل كلّ ظلماتهم أنواراً لا تطلبوا من المدرسة أكثر مما في وسعها أن تعطيكم». مؤكداً نعيمة في مقالته أهمية انغماس الطالب بالفنون التطبيقية في المدرسة واجداً أنها لجريمة نكراء من جرائم هذا العصر الأعمى أن تكثُر مدارسه وأن يَقلَّ فيه الخالِقون. فكم من طالبٍ ما لمست يده المعول أو المنجل، ولا هي تستطيع أن تدقّ مسماراً في حائط، أو أن تُدخِل خَيطاً في ثقب إبرة! أي إنها لجريمة أن يحيا الطالب في مدرسته حياة بينها وبين الحياة خارج المدرسة هوّة سحيقة.
أدب النعيميّ قد يصلح لكل زمان ومكان وما تركه لنا منه إرثٍ ثر لذلك لا نزال نقرأ لكاتبٍ كان قلبه يخبّر، وعقله يفكِّر، وقلمه يسطّر إلى يومنا هذا.
العدد 1197 – 16 -7-2024