الملحق الثقافي- حسين صقر:
تلهمنا وتدفعنا لتذكر الأشخاص والأشياء والأسماء والعبارات والأماكن، وتحدث دون وساطة فيزيائية أو نفسية، وتعد أرقى أنواع وأشكال الاستحواذ الفكري والذهني، لكونها تخاطب العقل مباشرة، هي ظاهرة التخاطر وتوارد الأفكار،حيث يشعر مرسل إشاراتها، بأنها وصلت للشخص المقابل دون عناء، ويحدث مراراً أن يخطر ببالنا أعزاء لم نرهم منذ مدة، وعندما يخطرون ببالنا نلتقيهم مصادفة دون عناء.
كذلك هناك أفكار وأماكن تخطر للحظة بطريقة لايمكن تفسيرها، وبعد فترة قد تطول أو تقصر قليلاً، إما أن نمر بها أو يأتي عزيز منها، وإما نسمع خبراً عنها.
ولأن الحاجة إلى السرعة ملحة فهي تمر بسرعة عجيبة حين يكون الذهن في مأزق أو خطر والمرء الذي يتلقاها لا بد أن يكون في أحس حالاته وذلك حين يكون الجسم في حالة إيجابية، ويمكن أن يكون ذلك في حالة النوم حيث يكون العقل أكثر استعداداً لاستقبال تأثيرات الطبيعة، حيث العقل في هذه الأثناء يتجاوز الحلم وحدود الزمان والمكان، وفي حالات تخاطرية نادرة زعموا أن أحداً مات واتصل بإنسان على قيد الحياة في منامه، وفي صورة حلم، وهو ما يؤكد وجهة النظر القائلة: إن الروح تبقى حية وإن مات الجسد وفنى، وهذا ما يعرف بخلود الروح عند أنصار الروحانية.
أما التخاطر الذي يحدث على أشده، كما يؤكد علماء النفس والعاملون في هذا المجال، حالات التنويم المغناطيسي بين المنوِّم المغناطيسي والشخص المنوَّم، حيث يقوم الأول بدور المرسل القوي الواضح إشاراته، ويستقبل الثاني الرسائل ويقوم بتنفيذ ما جاء فيها بكل دقة، وتعتبر كل ظواهر التنويم المغناطيسي تنويماً ذاتياً، لأن الشخص بنفسه وقدراته الذاتية يدخل في حالة من الوعي أو اللاوعي الذهني.
خبراء الباراسيكولجيا أو «علماء ماوراء النفس، والنفس الموازي وعلم الخوارق» يقولون إنه مع نهاية القرن العشرين، تطور الأمر بصورة مذهلة وتمت الاستعانة بأجهزة التسجيلات الخارقة لتسجيل الاتصالات مع أشخاص ابتعدوا إلى العالم الآخر، حيث يأتي هؤلاء بالحلم ويقولون كل مالديهم يعبرون عن حبهم ويعاتبون وإلى ما هنالك من أحاديث أخرى.
الرافضون لهذا العلم يشككون في مصداقية وحقيقة هذا النوع من التخاطر، ويردون بأن ذلك مجرد أوهام ليس إلا، و كل ما يجري مجرد أضغاث أحلام تحدث مع أي شخص، وأن هؤلاء يغشون أنفسهم ويخدعون غيرهم متحدثين عن التداخلات الخارجية، الإسقاط، الذبذبات المختلفة.
تقارير ودراسات مهتمة بهذا النوع من العلم تطرقوا إلى تجربة الباحثة الفرنسية مونيك سيمونيه والتي تهتم في مجال الاتصال الآلي تخاطرياً مع العالم الآخر، والتي قامت بتأليف كتاب عن هذه الظاهرة سمته سماع غير المرئي تحكي فيه عن قصة لظاهرة «تيليباثية> أو زرع شريحة دماغية قامت من خلالها بالاتصال بالعالم الآخر، مبررة أن التخاطر هو القدرة على إيصال الأفكار بوسائل أخرى غير الحواس الخمس المعروفة للجميع.
وبالتأكيد كما أسلفنا، حدث يوماً أنك كنت تفكر في شخص معيّن، وقام الشخص نفسه بالاتصال بك؟ مصادفة مضحكة، لكن من الممكن أن تكون قوة التخاطر الخاص بك تفوق العادة، لأن التخاطر تواصل غير لفظي مع الآخرين، ويعرفه البعض بأنه «الصوت الصغير» داخل الشخص، أو حاسة سادسة، أو لغة أخرى وُلدت ونحتاج فقط إلى تذكرها، إذ يساعد التخاطر خلال الأوقات التي لا تعرف فيها ما تقوله، أو حتى كيف تقوله.
وفي التجارب، التي يعود تاريخها إلى القرن الـ19، قام العلماء بالتحقق من صحة نوعين من التخاطر: التخاطر الغريزي، أي القائم على المشاعر، والتخاطر العقلي، ووفقاً لتعاليم الحكمة، هناك نوع آخر أعلى من التخاطر، يسمى التخاطر من الروح إلى الروح، أي التخاطر الروحي، لكون أجسادنا الأثيرية هي جزء من بحر تفاعلي للطاقة يربطنا بكل شخص وكل شيء في عالمنا، ومن خلال هذه الأجساد نرسل ونستقبل معلومات التوارد والخواطر.
العدد 1197 – 16 -7-2024