“سي جي تي إن”: الانقسام السياسي يؤرق أميركا

الثورة – ترجمة ختام أحمد:
أصيب العالم بالذهول إزاء محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 13/تموز الماضي. وكان ذلك أسوأ هجوم على زعيم أميركي منذ نجاة رونالد ريغان من جرح ناجم عن رصاصة في عام 1981.
وقد بدأ التحقيق في الحادث، ولكن قبل أن تتوفر أي أدلة، ألقى العديد من الجمهوريين باللوم على الديمقراطيين في التحريض على العنف ضد ترامب.
وزعموا أن إطلاق النار لم يكن حادثاً معزولاً، بل كان نتيجة لحملة طويلة الأمد شنها الديمقراطيون لتشويه سمعة ترامب وأنصاره.
يعكس هذا الاتهام الاستقطاب الشديد في المشهد السياسي الأميركي والانقسامات السياسية العميقة والخطيرة التي ابتليت بها الولايات المتحدة لسنوات.
والانتخابات الأميركية لعام 2024 تشبه استمراراً لانتخابات 2020، لكن الحزبين الرئيسيين والمجتمع الأميركي منقسمان أكثر من أي وقت مضى.
إن الحزبين يختلفان في كل شيء تقريباً، بدءاً من الهجرة والرعاية الصحية، والسيطرة على الأسلحة، إلى الإجهاض، وتغير المناخ، والسياسة الخارجية. وكثيراً ما يصور كل منهما الآخر باعتباره عدواً وتهديداً. ونادراً ما يتفاعل كل منهما مع الآخر أو يتواصل معه؛ وعندما يفعل ذلك، فإنه غالباً ما يلجأ إلى الإهانات والعنف.
على سبيل المثال، في أوائل عام 2024، تصاعد النزاع بين حكومة تكساس التي يقودها الجمهوريون والحكومة الفيدرالية التي يسيطر عليها الديمقراطيون بشأن قضايا الهجرة إلى مواجهة مسلحة، وتحدت 25 ولاية جمهورية السلطة الفيدرالية علناً.
في نيسان، عادت أريزونا 160 عاماً إلى الوراء بين عشية وضحاها، وحظرت الإجهاض وأعادت إحياء قانون من عام 1864. بمجرد ظهور الأخبار، استخدم كلا الحزبين هذه القضية لمهاجمة بعضهما البعض وتعبئة الناخبين.
ويرسم أرشيف العنف المسلح في الولايات المتحدة صورة قاتمة أخرى، فبحلول 19 /تموز، كانت البلاد قد شهدت بالفعل 301 حادث إطلاق نار جماعي في عام 2024، مع فقدان 9347 حياتهم – أي حوالي 47 حالة وفاة يومياً، وهذه قضية كبيرة أخرى حيث يتبنى الحزبان مواقف متعارضة، فالحزب الديمقراطي يدعو إلى سياسة أكثر صرامة للسيطرة على الأسلحة، في حين يدعم الحزب الجمهوري تسهيل الوصول إلى الأسلحة. ومن عجيب المفارقات أن ترامب نفسه أصيب بسلاح ناري.
إن السبب الجذري وراء هذا الانقسام الاجتماعي هو فشل النظام السياسي الأميركي في تمثيل مصالح الشعب.
فقد تحول فصل السلطات في الولايات المتحدة إلى صراع حزبي، حيث تسود عقلية “الحزب أولاً”. ويعطي زعماء الفروع التشريعية والتنفيذية والقضائية ـ ركائز الحكم ـ الأولوية لتوجيهات الحزب على الواجب العام.
إن هذا التحول واضح بشكل خاص في القضاء، حيث يتم استخدام التعيينات الرئيسية والأحكام القضائية بشكل متزايد لخدمة مصالح الحزب بدلاً من الحفاظ على توازن القوى.
في الكونغرس، من الشائع عرقلة أو نقض مشاريع القوانين التي يقدمها الحزب الآخر، ويبدو أن الشيء الوحيد الذي يتفق عليه كلا الحزبين هو الاختلاف. لقد كافحا من أجل تمرير القوانين. تمكن الكونغرس الحالي من تمرير 34 مشروع قانون فقط في عام 2023.
وبهذا المعدل، فإن الكونغرس 118 في طريقه إلى أن يكون الأقل إنتاجية في التاريخ الحديث.
في العصور السابقة، كان الخطاب السياسي الأميركي يتميز بالمناقشات القوية حول الفروق الدقيقة في السياسات، مع وجود اتفاق ضمني بين الأحزاب على تجنب تكتيكات الحملات الانتخابية الدنيئة.
ولكن المناخ الحالي تحول نحو العداء والهجمات الشخصية، التي تسللت إلى أحداث مهمة مثل المناظرات الرئاسية، حيث تحولت المناقشات إلى مشاحنات تافهة حول من يتفوق في لعبة الجولف والشتائم.
إن تفاقم حدة الحوار السياسي يغذي نيران الاضطرابات الاجتماعية في أميركا. فقد وجد استطلاع حديث أجراه معهد أبحاث الدين العام ومؤسسة بروكينجز أن ما يقرب من 23% من الأميركيين يعتقدون الآن أن “الوطنيين الأميركيين الحقيقيين قد يضطرون إلى اللجوء إلى العنف من أجل إنقاذ بلادنا” ــ وهي زيادة كبيرة مقارنة بنحو 15% في عام 2021.
إن هذا التحول بعيداً عن الخطاب العقلاني يمهد الطريق لترسيخ التطرف. ووفقاً لرويترز، أعقب أعمال الشغب في مبنى الكابيتول في عام 2021 ما لا يقل عن 213 حالة من العنف السياسي في الولايات المتحدة، ما يمثل الموجة الأكثر استدامة وشدة من الاضطرابات منذ سبعينيات القرن العشرين.
لقد كشفت أعمال الشغب في الكابيتول في عام 2021 وحادثة ترامب في عام 2024 عن هشاشة الديمقراطية الأمريكية. فالنظام السياسي الأمريكي يعاني من تأثير المال والمصالح الخاصة، والتلاعب بالقواعد والمؤسسات الانتخابية، واستقطاب الجمهور ووسائل الإعلام.
إن الناس يشعرون بخيبة الأمل، ويلجأ بعضهم إلى العنف أو التطرف كوسيلة للتنفيس عن إحباطهم والمطالبة بالتغيير. ولن تؤدي انتخابات فوضوية أخرى إلى شفاء جراح أميركا واستعادة ديمقراطيتها. إن ما تحتاج إليه أميركا الآن هو إصلاح سياسي شامل.
المصدر _ سي جي تي إن

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى