كوليت خوري وذاكرة المجد

الملحق الثقافي- ديما يوسف سلمان:
لا تستطيع أن تكتبَ عن كوليت خوري دون أن تكتبَ عن دمشق، ولا تستطيع أن تتحدّثَ عن مسيرتها الأدبية والحياتية دون أن تتحدّث عن دمشقَ كثيراً؛ فهي تنصهر بدمشق حدّ العشق، وتتداخل بخصائل ورد الغوطة وبتدفّق نهر بردى، وعندما تذكرتها سيخطر في بالك شموخُ قاسيون وعرائش الياسمين والورد الشامي الذي يعبق عطراً فوّاحاً بالمجدِ والتّيهِ والعنفوان، أمّا إذا سمعْتَ بعضاً من نثرها وأدبها ستأخذُك عوالمُ السّحر الى حدائقِ كبارِ المبدعين، فإذا كان ماتقرؤه وتسمعه بصوتها الرخيم فسينتابُك إضافةً لسحر الكلام ورونقه إحساسٌ عارمٌ بدفء وحنان الكلمات فأدبها الفذّ معبّق بأنوثة وأمومة تفيضُ سحراً وجمالاً لا ينتهي .. تغنّت في أكثرَ ماكتبت بوطنها بأمجاده وشموخِه لأنّها أديبةٌ تكتبُ للحبّ والوطن ولطالما أعلنَت أنّ « المبدع يجب أن يبدأ بالحب وينتهي به تماماً كما يبدأ بالوطن وينتهي به «.
هذه الأديبة الكبيرة التي ولدت عام1937 في مدينة دمشق لبيت عريق في وطنيته فجدّها فارس الخوري الذي عرف بنضاله ومواقفه الوطنية الخالدة ضدّ المستعمر الفرنسي في الأربعينات من القرن الماضي وعندما ظفرت سورية بالاستقلال أصبح رئيس الوزراء لعهد الاستقلال وهو إضافة لذلك كان رجل القانون والدبلوماسي الفذّ وشاعر وخطيب يشهد له وخالها حبيب كحّالة الإعلامي والصّحفي اللامع آنذاك تربت في هذه العائلة الدمشقية العريقة على حب الوطن والأدب معًا فتعلمت القراءة في إنجيل متّى وتمكنت من اللغة العربية عبر قراءة القرآن والشعر العربي القديم وكانت الكتابة كل شيء في حياتها وقد عبرت عن ذلك أكثر من مرة « لم تكن الكتابة هوايتي بل كانت جزءًا من طريقتي في التعبير وربما جو البيت هو المساعد الأول حيث الكتب والصحف والمجلات هي أهم من المفروشات في بيتنا وبيت جدي لأبي وبيت خالي..» وبالفعل كانت الكتابة كل شيء في حياتها لتصبح مبدعة « أيام معه وأيام مع الأيام والأيام المضيئة»، أيقونةً من أيقونات الأدب فتكلمت عن المرأة ورفضت قيود المجتمع والثقافة الذكورية وظلّ أسلوبها الأدبي يستقي من معين العذوبة والرّومانسية والرهافة ولأنها عشقت وطنها وأمجاده كتبت لانتصاراته وكان كتابها «سنوات الحب والحرب» وهو مجموعة قصص قصيرة ومقالات جمعتها بين عامي (١٩٧٣ _ ١٩٧٩ ) تخليداً لانتصارات تشرين وقيم الشهامة والبطولة عند الجندي السوري ..وكثيرًا ما تحدثت شعراً ونثراً جميلاً عن وطنها وانصهارها به « أنا الشام تدفق بردى سندس الغوطة شذى الورد «.
وعبر مسيرة كبيرة قدّمت كوليت خوري عشرات المؤلفات و المقالات والدراسات الأدبية فضلاً عن الروايات المهمة والشعر الذي كتبته إضافة للغتها العربية بالإنكليزية والفرنسية أيضاً، ومن أجمل المحطّات في حياتها قصّة الحب التي جمعتها بالشاعر نزار قباني ويقال إن رواية أيام معه كانت تخليداً لقصة الحب الكبيرة تلك وكان من المنتظر أن تشهد الرسائل المتبادلة بينهما النور عبر كتاب تجمعه الأديبة الكبيرة.. أعجب بأدبها وتحدّث عنه كبار الشعراء والمبدعين في الوطن العربي لتظلّ قامةً أدبيةً كتبت عن وطنها بحروفٍ من ذهبٍ مطعّمٍ بألماس ولتظلّ كتاباتُها القيّمة ذاكرةَ مجدٍ وفخرٍ لكلّ الأجيال..
                           

العدد 1198 – 23 -7-2024     

آخر الأخبار
افتتاح أول فرن مدعوم في سراقب لتحسين واقع المعيشة " التنمية الإدارية" تُشكل لجنة لصياغة مشروع الخدمة المدنية خلال 45 يومًا تسويق  72 ألف طن من الأقماح بالغاب خطوط نقل جديدة لتخديم  5  أحياء في مدينة حماة مستجدات الذكاء الاصطناعي والعلاجات بمؤتمر كلية الطب البشري باللاذقية تحضيرات اللجنة العليا للانتخابات في طرطوس الوزير الشيباني يبحث مع رئيسة البعثة الفنلندية العلاقات الثنائية تناقص مياه حمص من 130 إلى 80 ألف م3 باليوم تحضيرات موتكس خريف وشتاء 2025 في غرفة صناعة دمشق وزارة الخزانة الأمريكية تصدر الترخيص 25 الخاص بسوريا .. رفع العقوبات وفرص استثمارية جديدة وتسهيلات ب... مجلس الأمن يمدد ولاية قوة "أوندوف" في الجولان السوري المحتل إعلام أميركي: ترامب يوقع اليوم أمراً تنفيذياً لتخفيف العقوبات على سوريا عودة مستودعات " الديسني" المركزية بريف بانياس تكريم الأوائل من طلبة التعليم الشرعي في التل انعكس على الأسعار.. تحسن قيمة الليرة السورية أمام الدولار "الاقتصاد".. منع استيراد السيارات المستعملة لعدم توافق بعضها مع المعايير ١٥ حريقاً اليوم ..و فرق الإطفاء في سباق مع الزمن لوقف النيران الشيباني يبحث مع وفد من“الهجرة الدولية” دعم النازحين وتعزيز التعاون "السودان، تذكّر" فيلم موسيقي عن الثورة والشعر ٥٢ شركة مشاركة... معرض الأحذية والمنتجات الجلدية ينطلق في حلب