الملحق الثقافي- وليد مراد السباعي:
ما الذي يحدث عندما تشعر أن حياتك على وشك أن تنتهي وأن لديك مجرد دقائق في الحياة …ثم في لحظة يطرأ أمر ما يلقيك في الحياة ثانية، وتعود دوامة الأمل لتدور من جديد..لا شك أنها صدمة نفسية غريبة تجعلك تعيد حساباتك ومواقفك من الحياة ..
هذا ما يذكره الكاتب الكبير دوستيوفسكي في كتابه (ذكريات من بيت الموتى) حيث حكم عليه بالإعدام مع مجموعة من الاشتراكيين المتطرفين وقبل لحظات من تنفيذ الحكم يأتي رسول من القيصر بتخفييف الحكم إلى المؤبد وعاش فترة صعبة في السجن في سيبيريا .. وبعدها تم الإفراج عنه..يكتب:
– (من خلال العزلة الروحية في السجن أتيحت لي فرصة استعراض حياتي الماضية وأن أشرحها وأصل إلى أدق تفاصيلها وأتفحص وجودي الذي حققته حتى الآن وأحكم على نفسي بصرامة وبغير لين)
– (يجب عليك أن تتواضع ولتنظر إلى ماضيك كيف كان وإلى الأثر الذي تستطيع أن تتركه في المستقبل ولتعرف كيف أن كتلة هائلة من العار ترقد في أعماق روحك ..إني لا أتذمر فهذا هو صليبي الذي يتعين علي أن أحمله).
لقد خرج دوستيوفسكي من بيت الموتى إنساناً آخر لم يعد ينظر إلى الحياة بغطرسة وكبرياء بل بتواضع شديد وتقبل لما تحمله تلك الحياة له من تغيرات وما اكثرها..
ما أشبه ما عشناه في سورية خلال الأزمة الماضية وربما ما زلنا نعيش تتمة لفصولها ببيت الموتى فنحن سجناء حقيقيون لهذا البيت على أمل ان تعود لنا الحياة بعدها ويتم الإفراج ونخرج من بيت الموتى بتقييم جديد لماضينا ورؤية جديدة لمستقبلنا بمفاهيم جديدة عن الحياة التي يجب أن نحب.
العدد 1198 – 23 -7-2024