“آنتي وور”: عندما يصبح دعم “إسرائيل” عبئاً.. هل تغير غزة الغرب؟

الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
كتب الكثير عن الزلازل السياسية في بريطانيا وفرنسا، حيث أدى الأول إلى هزيمة ساحقة لحزب المحافظين، وأدى الثاني إلى هزيمة اليمين المتطرف على يد ائتلاف يساري في معظمه.
ولكن هذه لم تكن النتائج المهمة الوحيدة للانتخابات العامة التي جرت يومي 4 و7 تموز في اثنتين من أكثر بلدان أوروبا نفوذاً.
وكانت هناك نتيجة أخرى مهمة، وإن لم تكن غير مسبوقة، وهي مركزية القضية الفلسطينية في الخطابات السياسية في لندن وباريس، والتي ليست في الحقيقة سوى انعكاسات لتغيرات أكبر تجري في القارة الأوروبية بأكملها وفي الجسم السياسي الأوروبي.
كان من الواضح لفترة طويلة أن الدفاع الخارجي عن الحقوق الفلسطينية قضية سياسية ضائعة في أوروبا، حيث تتمتع “إسرائيل ” بوضع خاص بسبب الدور التاريخي الذي لعبه الغرب في إنشائها واستدامتها والدفاع عنها.
ولكن هذه القرابة لم تكن وليدة التقاليد السياسية فحسب، ففي بلدان مثل الولايات المتحدة، وأيضاً بريطانيا وفرنسا، لعبت جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل دور الدائرة الانتخابية القوية. وباستخدام المال والنفوذ الإعلامي والتحالفات مع الدوائر السياسية والدينية المؤثرة الأخرى، كانت هذه الجماعات غالباً ما تحدد مستقبل الساسة.
إن لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) تشكل مثالاً واضحاً على قوة جماعات الضغط. وكثيراً ما ترتبط كل دورة من دورات الانتخابات الأميركية بقصص توضح القوة السياسية غير المتناسبة التي تتمتع بها هذه اللجنة (أيباك).
كان أحدث مثال على ذلك هو هزيمة النائب التقدمي جمال بومان، وهو ديمقراطي من نيويورك أطاح به مرشح مؤيد لإسرائيل في حزيران 2024. ويُعتقد أن لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية أنفقت 15 مليون دولار أميركي لاستبدال بومان.
ولكن دعم جماعات الضغط لم يعد يشكل ضمانة للنجاح السياسي أو الفشل، ويرجع هذا إلى الوعي المتزايد بين الأميركيين العاديين بالنضال الفلسطيني من أجل الحرية، والاستراتيجيات المضادة الناجحة التي تبناها بعض التقدميين.
لقد جعلت حرب الإبادة التي تشنها “إسرائيل” في غزة، على حد تعبير المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، قضية الحرية الفلسطينية قضية عالمية. ولا يمكن لأي قدر من التضليل الإعلامي أو أموال جماعات الضغط أن تساعد “إسرائيل” في إصلاح صورتها المشوهة .
لقد كانت الحرب المروعة، وصمود الشعب الفلسطيني، وجهود التضامن العالمية بمثابة حافز لكثير من الحكومات في مختلف أنحاء العالم لتبني مواقف أقوى في دعم فلسطين، وتشهد على هذا موجة الاعترافات الأخيرة بالدولة الفلسطينية.
وعلاوة على ذلك، فإن القوة الصاعدة للعلامة السياسية الفلسطينية سمحت مؤخراً لدول مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج وسلوفينيا بتحدي الموقف الأميركي الذي كان يثبط الاعتراف بفلسطين خارج نطاق ما يسمى “عملية السلام”.
إن الخطاب السياسي المرتبط بالقرارات الأخيرة لا يقل أهمية عن الاعترافات نفسها.
وربط رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز قرار مدريد بـ “العدالة التاريخية للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني”.
وذهبت نائبة رئيس الوزراء الإسباني يولاندا دياز إلى أبعد من ذلك في 23 أيار عندما قالت إن مدريد “ستواصل الضغط للدفاع عن حقوق الإنسان وإنهاء الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني”، وختمت بيانها بقولها: “من النهر إلى البحر، ستكون فلسطين حرة”.
حتى قبل إعلان النتائج الرسمية للانتخابات الفرنسية، أعلنت رئيسة الكتلة البرلمانية “فرنسا الأبية” ماتيلد بانو في السابع من تموز أن الكتلة ستعترف بدولة فلسطين خلال أسبوعين.
والأمر المثير للاهتمام بشكل خاص في تصريح بانو هو أنها لم تعتبر الاعتراف بفلسطين مجرد لفتة رمزية، بل “واحدة من الوسائل المتاحة لنا لممارسة الضغط (على إسرائيل)”.
بالنسبة لليسار في فرنسا، لم يكن دعم القضية الفلسطينية يشكل عائقاً خلال الانتخابات التي شهدت منافسة شديدة، بل كان ذلك أحد أسرار نجاحهم. وعلى الرغم من المحاولات المتواصلة التي بذلتها أحزاب اليمين واليمين المتطرف لتشويه سمعة اليسار بسبب موقفه من حرب غزة، فقد فشلت هذه المحاولات فشلاً ذريعاً.
ولقد تكرر سيناريو مماثل إلى حد ما في بريطانيا، فقد ثبت أن الدعم القوي الذي يقدمه المحافظون لإسرائيل لا قيمة له، إن لم يكن عيباً. وحتى الأعضاء المؤيدين لإسرائيل في حزب العمال المنتصر هُزِموا على يد المرشحين المستقلين، وخاصة بسبب مواقفهم من الحرب على غزة.
إن التحول السياسي في أوروبا إلى موقف مؤيد لفلسطين، أو على الأقل موقف أقل تأييداً لإسرائيل، يحدث بمعدل أسرع كثيراً مما كان يأمله أو يتوقعه أي شخص.
ورغم أن الحرب لعبت دوراً كبيراً في هذا، فمن المتوقع أن ينمو هذا التحول في السنوات المقبلة لأن الناخبين الأوروبيين سئموا بوضوح من الدعم الأعمى الذي تقدمه حكوماتهم لإسرائيل.

إنهم يستخدمون أنظمتهم الديمقراطية لإحداث تغييرات حقيقية في الحكومة، وبالتالي سياسات تهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
إن الحكومات المسؤولة، مثل أسبانيا والنرويج وأيرلندا، تستجيب لرغبات شعوبها على النحو اللائق، ويتعين على حكومات أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، أن تحذو حذوها.
المصدر- آنتي وور

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم