«ممالكُ الذئاب».. بلا روح وتترقّب الكارثة

هفاف ميهوب
«إننا نحيا في عالمٍ فقدَ عقله، ونحن نعلم ذلك.. لن يكون من المفاجئ لأيّ أحدٍ، إذا ما أفسح الجنون غداً، الطريقَ لسعارٍ قد يترك عالمنا مشدوهاً مذهولاً، أمام محرّكاتٍ لا تكفُّ عن الطنين، ولكن بلا روح..»..كلماتٌ، تتضمّن ما توقّعه الباحث وأستاذ التاريخ الهولندي «يوهان هويزنجا» عندما قام بـ «تشريحٍ لتعاسة العصر الحديث» بعد أن «ترقّب الكارثة». ليس ما توقّعه فقط، بل وما لاحظه من الجنون المرعب لعالمٍ، رأى بأن المحرّك الهادرُ فيه، يقوده إلى الهلاك…إنه ما بدأ به «في ظلالِ الغدَ». الكتاب الذي قرأ فيه مستقبل عالمه، بعد أن شخّص أمراض عصره، والعوامل التي أدّت إلى تقويضِ الحضارة الغربية، حيث الحرب ومآسيها، وانحدارُ الثقافة والفنّ، مثلما القلق واضطراب الاقتصاد، وإساءة استخدام العلم، وسوى ذلك مما جعله يشعر، بأن هذه الحضارة تسير إلى الهاوية..»ألا نلحظ في عصرنا آلام الحمّى المتصاعدة؟.. ثمّة هذيان وهلوسات جامحة، وتعابير بلامعنى».كلّ ذلك، اعتبره حقائق محبطة في دلالتها على تيهِ الحضارة التي أنتجت، ورغم إمكانياتها التكنولوجية الهائلة، دعاية حديثة تدلّ على الانحلال والانحطاط الثقافي، بل والدمار الذي تنوّعت وتطوّرت أدواته، مع التنوّع والتقدّم التقني والعلمي.»بلوغ التكنولوجيا مرحلة الكمال، لا يمكن أن يسمح لوسائل تدميرالطبيعة الكيماوية والباليستيه، أن تبقى بلا استخدام.. إننا نرى برفضٍ ملؤه مرارة العجز، كيف تستمرّ التكنولوجيا العلمية، بتصنيع هذه الأسلحة وإتقانها.. هناك نقطة ينهار فيها استعدادنا لقبول كلّ هذا، وهي الحرب البكتيرية «البيولوجية». حيث احتمالات شنّ حربٍ من خلال نشرالجراثيم المسببه للأمراض، والتي يطالب بها البعض علناً»وحتماً، هو ما أغضب «هويزنجا» وجعله يتمنى بأن تندثر هذه البشرية الآثمة، في ظلمها وشرورِ تقنياتها وعلومها، فهو أفضل برأيه، من أن تحيا بوصمةِ عارٍ أبدية.هو أيضاً، ما جعله يشعر بأنه يعيش في «ممالك الذئاب» العنيفة و»الهمجية».. الهمجية التي وجدها تسودُ أكثر، في المجتمعات التي تدّعي المعرفة والتقدّم والإنسانية.»تقدّم المعرفة والعلوم، مهما كانت حتميته وإلهامه، لن ينقذ ثقافتنا. العلمُ والتكنولوجيا لا يكفيان، كأساسٍ للحياة الثقافية، فأصول الانحطاطِ الروحي، تكمن على عمقٍ أبعد».هذا وسواه، اعتبره «هويزنجا» يقود إلى «معارك غير أخلاقية».. حيث الصراع البشري غير مبنيّ على مبرّرات ومرجعيات، وإنما على «المصلحة» و «المنفعة» والعنصرية..»الآخرون الذين هم وجهةُ القتالِ، لم يعودوا يظهرون في ثوبِ الفاسدين، ففي الصراعِ على السلطة أو الثروة، هم مجرّد خصوم أو منافسين تجاريين، أو يمتلكون وسائل الإنتاج، أو يحملون الخصائص البيولوجية غير المرغوب فيها، أو ببساطة الجيران، أو أولئك الذين يقفون في طريق توسّع الاستعلاء. في جميع هذه الحالات، الرغبة في القتال أو القهر أو الطرد أو المصادرة أو الإفناء، لا تستند إلى إدانة أخلاقية في حدّ ذاتها»..هذا باختصار ما تناوله «هويزنجا» في كتابٍ، أكثر ما يلفت فيه، ورغم صدور طبعته الأولى عام 1936. أي قبل الحرب العالمية الثانية بثلاث سنوات، ما تناوله من حال الغرب، وما توقعه لهم مستقبلاً.بيد أن قلقه كان في مكانه، والحاضر يشهد على ذلك، فأزمات وأمراض الحضارة الغربية تتفاقم ولا أمل بشفائها، وكلّ شيء فيها يؤكّد، بأنه صدق عندما توقع لها:»كلّ شيءٍ فيها فقد تماسكه وبنيانه، يبدو أن حضارتنا على حافة الهاوية..»..

آخر الأخبار
"صحة درعا" تحذّر من التعرض لأشعة الشمس   صندوق الأمم المتحدة للسكان: كارثة إنسانية على الأمهات والولادات بقطاع غزة  العمل من المنزل بين الراحة المأمولة والعبء الخفي.. قراءة في الفرص والتحديات  فواز تللو لـ "الثورة": مساحة مفتوحة للحريات والعمل السياسي والتعبير عن الرأي  تأهيل آبار وإزالة تعديات على خطوط مياه الشرب في درعا   وزير المالية: منحة سعودية تصل إلى 60 بالمئة ضمن تمويلات الصندوق للتنمية في سوريا  تمديد ساعات عمل باصات النقل الداخلي في اللاذقية  تحديات تعوّق تنفيذ المخطط التنظيمي للواجهة الشرقية للكورنيش البحري بطرطوس   وزير التعليم العالي لـ"الثورة": 40 جهاز غسيل كلية في الخدمة قريباً  باراك: نعمل مع شركائنا لبناء سوريا موحدة وآمنة فيدان: لا تفاوض تحت تهديد السلاح وتركيا ترفض شرعنة الكيانات المسلحة في سوريا  المئات من أهالي العنازة بريف بانياس يقولون كلمتهم: سوريا واحدة موحدة ويجمعنا حب الوطن مشاركة لافتة للمغتربين في "كيم أكسبو".. أثبتوا جدارتهم في السوق الدولية فرنسا تلغي مذكرة التوقيف بحق المخلوع  الأسد وسط تصاعد المطالبات بالمحاسبة الدولية فعاليات من اللاذقية لـ"الثورة": سيادة القانون والعدالة من أهم مرتكزات السلم الأهلي وزير الاستثمار السعودي يطلع على الموروث الحضاري في متحف دمشق الوطني مذكرة تفاهم سياحي بين اتحاد العمال وشركة "لو بارك كونكورد" السعودية كهرباء ريف دمشق تتابع إصلاح الأعطال خلال يوم العطلة وزير الاستثمار السعودي يزور المسجد الأموي محافظ درعا: استقبلنا نحو 35 ألف مهجر من السويداء ونعمل على توفير المستلزمات