الثورة _ عبير علي:
لم تتمكن جداتنا وأمهاتنا في الماضي عن الاستغناء عن حجر الرحى أو ما يسمى بـ»جاروشة البرغل اليدوية» لضرورتها وأهميتها في إعداد الطعام اليومي وطحن الحبوب، فلا يكاد بيت يخلو منها.
تتكون الرحى من حجرين دائريين أملسين، يوضعان فوق بعضهما بصورة متطابقة يكون الجزء العلوي أكبر من السفلي قليلاً وفي وسطهما فتحة صغيرة لإدخال الحبوب منها، ومن هذه الفتحة يخرج عمود خشبي صغير يحفظ عملية توازن الآلة عند الدوران، كما يوجد في الحجر العلوي مقبض خشبي للإمساك به وتدويره أثناء عملية الطحن.
وتصنع الرحى من الحجر الخشن أو من حجر الصوان، ويمكن التحكم بدرجة نعومة الحبوب بما يتناسب مع رغبة وإرادة ربة المنزل من الطعام الذي تبغي طهوه، وهي أداة يومية سهلة الاستخدام وليست موسمية كما يعتقد البعض، وأصبحت بمثابة أيقونة تراثية.
ومن المعروف ذاك المزاج الذي يطيب حين كانت تصدح به حناجر ربات المنازل من أمهات وجدات وهن يجرشن ما تيسر من حبوب، حيث يرافق دوران هذه الآلة مع الصوت الذي تصدره أغنيات شعبية جميلة تعبر عن حالة وجدانية عاطفية مثل: «شوفا تجرش برغل جرش.. جرشت لحمي وعظمي جرش.. لمن صاحوا ديوك العرش.. كنت بحدا غفياني».
ومع تغير الظروف وتطور التقنية، افتقدنا حجر أو طاحونة الرحى وأصبحت من ذاكرة الماضي في أغلب المدن والبلدات وبالتالي لا تحضر إلا في مناسبات إحياء التراث والعادات من خلال المهرجانات الشعبية والتراثية القديمة.
التالي