الملحق الثقافي- اسمهان أحمد أحمد:
كنّا أشقى من عصافيرِ الصّباح ،
حين يوقظنا والدي لقطفِ أوراق التّبغ من الحقل في الوادي
نسابقُ الشّمس كي لا تُحرق جباهنا الغضّة ،
في الطريق الضّيق الوَعر نصلُ لنبع الماء ،
حيثُ أشجار التّين والعنب والجوز
تتراقصُ على جانبي النّبع وبركة السّباحة الّتي أعشقها ،
عند العودة هناك شقاءٌ من نوعٍ آخر حيثُ يتوجّب علينا أن نشكَّ
أوراقَ التّبغ ضمن خيطان ،
كنتُ أصغرَ إخوتي وكانت المهمّة صعبة بالنسبةِ لي عندما أرى أمامي حصّتي من كومة التبغ
هذا يتوجّب عليّ البقاء لساعاتٍ بعد الظّهر لانتهي
يرى أبي غصتي ودموعي فيجلس قُربي ويستلّ المسلّة التي كانت بالنسبة لي كسيف عنترة
ويبدأُ بمساعدتي مع تلميحات إخوتي بأنّني المدللّة.
يهمس لي أبي كي لايسمع إخوتي حديثنا ،
وعدتُ أبي ذات مرّة أنّي عندما أكبر سأصبحُ قمراً ينير الدّروب المؤدية إلي كروم التينِ والعنب ،
وأنّني سأسكن قربَ نبع الماء بحضن شجرة جوز
على كتف السّاقية ،
رحلَ أبي منذ زمن
وفيتُ بوعدي
فأنا اليوم قمرٌ يضيءُ حياةَ
كلّ من حولي.
العدد 1199 – 30 -7-2024