الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
حاولت اقتلاعها لكنّها غرزت في يدها مجدداً، حين سارع المزارع إلى مساعدتها في تجاوزتلك المنطقة المليئة بالصبّار والأشواك المتناثرة بكثرة تدعو للاستغراب، كان الأوان قد فات بقيت عدة أيام تشعر بإحمرار جلدها وبالأشواك الصغيرة تغزو جسدها، من دون أن تتمكن من اقتلاعها.
بينما ينهمر الماء الساخن، نسيت كلياً الأشواك ،بدا الماء الرجراج يشبه تلك الأفكارالتي تتقاذفها، كيف اكتشفت أمرها …؟
وتسارعت الأحداث.. أي زيف قربها تماماً، ملاصقاً لها، بدا قلبها هذه المرة كأن كلّ أشواك الكون غرست ،اعتقدت أنه ألم يشبه كلّ تلك الآلام التي عاشتها، ولكن عندما علقت تلك الأشواك طويلاً، بدت كأنها بانتظارعود ثقاب يشعلها بعد أن يبست.
أغلقت الماء ونسيت أمركلّ تلك الأشواك، يا لسخافة الأمر، إنه ألم لا يحكى به، وفعلاً لم تعد تشعرسوى بذلك النارالحارقة في صدرها.
ليست أول من مرّعلى كلّ هذا الجحيم، تتالت الأحدث المؤلمة وحين بدا أنها تدور في الفراغ عاجزة عن فعل أي شيء له معنى، فقدت قدرتها على التواصل وبدت في عزلتها تعاني من نسمة هواء تمر أمام عينيها.
لم تحاول إبعاد آثار جراحها العميقة تركتها تنضج على مهل لتمر بكلّ مراحل الوباء…
ارتدت ملابسها على عجل، وبينما صديقتها القادمة من غربتها تنتظرها أطفأت النور، وقالت في سرها، ربما المرة الأخيرة التي أفعل…!
هذه المرة لم تتمكن صديقتها من استفززاها بسرعتها المتزايدة، بل رفعت صوت إحدى الأغنيات الفرنسية، ومع اقترابهم من المنحدر الشهير، كتمت الأشواك دقات قلبها فلم تتسارع، حتى وهي تتأرجح بين الجبال والصخور ويمكن لأي خطأ أن يفقدها حياتها، لم يخفق، واكتشفت أنها لم تعد عالقة في تلك الأفكارالتي تعلمها فنون البقاء على قيد الحياة.
حين بدؤوا بفك الحبال، وشعرت أنها كسرت كلّ تلك الدروع التي بنتها، شكرت في سرها تلك الأشواك العالقة التي جعلتها بهذه القوة في التأرجح وربما تسلق المنحدرات.
العدد 1199 – 30 -7-2024