الملحق الثقافي- وليد السباعي:
لا شك أن هذه الرواية ورواية البعث هما من أجمل روايات ليوتولستوي مع أن الحرب والسلم يعتبران برأي النقاد هما الأهم ولكني شخصياً لم أتفاعل معهما كثيراً، بل حتى لم أستطع إنهاء المجلد الأول لكثرة شخصياتها وتداخلات الأحداث المتعددة وهي مع كلّ أعمال تولستوي من ترجمة المفكر المبدع الحمصي العريق المرحوم الدكتور سامي الدروبي…
الخيانة الزوجية هي المحور الرئيسي التي تدور حوله القصة :
بدأت القصة بزيارة بطلة الرواية آنا كارنينا لبيت شقيقها لتصلح الخلاف الذي جرى بينه وبين زوجته بسبب خيانة الزوج وبحنكتها تستطيع أن تنهي المشكلة ،لكنَّها تقع في حبّ ضابط فارس وهو فرونسكي حيثُ يلتقيان على نفس القطار، ومنذ ذلك الوقت يبدأ الصراع النفسي في داخلها وتشعرُ بأنَّها أصبحت تكره زوجها وترى فيه الكثيرمن السلبيات التي لم تكن تراها سابقاً، وبعد صراعٍ طويل تختار حبيبها وتتخلى عن زوجها وطفلها لأنَّها لا تستطيع أن تحافظَ على حبِّ طفلها وحبيبها في نفس الوقت، فنبذها المجتمع بعد ما كانت عليه من مكانة محبوبةٍ فيها، وفيرونسكي بدأ يزهد فيها ويبتعد عنها إلى أن هجرها بعد ذلك وتحوَّلت حياتها إلى جحيم وينتهي الصراع بأن تلقي بنفسها تحتَ عجلات القطار التي أنهت تلك القصة المأساوية….وقد كانت البداية في القطار وكذلك النهاية…
الرواية هي سبر في أغوار النفس البشرية …الزوج طيب القلب ولكنّه تقليدي بارد جداً في عواطفه وهنا المشكلة..(آنا) إمرأة مفعمة بالحيوية التي تناغمت مع حيوية شاب جذاب فيرونسكي الذي بادلها الحبّ وأيقظ المرأة السجينة في داخلها….المرأة تبحث عن علاقة حبّ من سماتها الديمومة والعاطفة و هي دائماً أسيرة العاطفة بعكس الرجل الذي غالباً ما يكون الجنس هاجسه فتكون علاقاته قصيرة الأجل تنتهي بالملل والاعتياد فينهي أي ارتباط …وهذا ما حدث مع فيرونسكي ..
الكلّ يأخذ موقفاً رافضاً للخيانة الزوجية ولا يعطي أي تبريرللمرأة ولكنّه يتسامح مع الرجل عندما يقوم بارتباط آخر…بل في كثير من المجتمعات تعتبر خيانة الرجل ضرباً من المفاخرة برجولته…الخيانة هي الخيانة سواء أتت من المرأة أو الرجل ولها أسبابها النفسية التي يجب تفاديها من السنوات الأولى من الزواج ،بالمكاشفة والمصارحة بين الزوجين قبل تأزم أي علاقة ..وربما تحول العلاقة بين الزوجين إلى صداقة بينهما بعيداً عن قوانين وواجبات الحياة الزوجية هو الحل….بالنهاية تبقى رابطة الزواج هي أسمى روابط الإنسانية ولكن يجب ألا تصبح أسيرة الاعتياد والملل ..عندها ستبدأ الكارثة …
آنا كارنينا رواية خالدة تبقى حاضرة دائماً في الذاكرة وقد حوّلت الرواية لعدة أعمال سينمائية…
العدد 1199 – 30 -7-2024