الثورة – رزان أحمد:
غيّب الموت الكاتب الفلسطيني السوري حسن سامي يوسف، عن عمر ناهز 79 عاماً
بعد رحلة من الألم والأمل والعطاء، وأعمال كثيرة أرادها تثبيتاً للذاكرة الحقيقية لأبناء فلسطين والأمة.
والكاتب الراحل، من مواليد قرية لوبيا في فلسطين عام 1945، وبعدما وقعت النكبة عام 1948، سافرت عائلته إلى لبنان ثم إلى سورية، لتستقر في دمشق، حيث تلقّى تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “الأونروا”، والثانوية في مدرسة عبد الرحمن الكواكبي.
وبعد الثانوية، عمل ممثلاً في المسرح القومي في دمشق، وبعد نكسة عام 1967، ساهم مع عدد من الشباب الفلسطيني في تشكيل فرقة المسرح الوطني الفلسطيني التي قدّمت عروضاً كثيرة على مسارح العواصم العربية.
وعام 1968 أرسلته وزارة الثقافة في سورية، لدراسة السينما في الاتحاد السوفييتي، حينها، في المعهد العالي للسينما بموسكو “كلية السيناريو”، وتخرج بعد 5 سنوات، وعاد إلى دمشق حاملاً الماجستير، فعين في المؤسسة العامة للسينما كرئيس لدائرة النصوص حتى وفاته. وهو عضو في هيئة تحرير مجلة “الحياة” السينمائية التي تصدر في دمشق.
وأثرى الكاتب السوري الفلسطيني، الساحة العربية بعشرات الأعمال التي حققت نجاحاً كبيراً على مستوى السينما، والتلفزيون، منها مسلسلات “الانتظار”، و”الغفران”، و”زمن العار”، و”السراب”، و”الندم”، و”فوضى” وغيرها، وكذلك أفلام “الاتجاه المعاكس”، و”الفلسطيني”، و”رسالة إلى فاطمة” و”بوابة الجنة”.
هاهو الأديب الفلسطيني السوري العروبي الأصيل “حسن سامي يوسف”يغادر “عتبة الألم”، تاركاً إرثاً من العطاء والمعرفة والدراما القائمة على بناء الإنسان وإعماره، والتأسيس لجيل يحفظ إرث آبائه وأجداده ويصون هذا الميراث العظيم، من خلال ثلاثيته التي تناولت كثيراً من جوانب مأساة النزوح وأدبها.
”حسن سامي يوسف” أيها ” الفلسطيني” الحامل هموم أمته وأبناء بلده، أيها المتعب بذكرياته وأحلامها ووجع شعبه الفلسطيني المصلوب على خشبة الكبرياء والعزة، ستبقى دائم الحضور في فكر وثقافة وضمير كل مثقف وكاتب وفنان عرف أصالة فكرك وصدق انتمائك، وستبقى ”رسالتك إلى فاطمة” ” الزورق” الذي نبحر به حتى الوصول إلى ” بوابة الجنة” التي اشتغلت عليها من خلال تأسيسك وصياغتك للهوية في رواياتك ومسلسلاتك، كيف لا وأنت القادم من عمق النضال والمقاومة فلسطين إلى قلب الثبات على الموقف دمشق، مروراً ببطولات المقاومين وحكاياتهم في لبنان.
ستذكرك المؤسسات الثقافية والإعلامية والفنية في سورية والوطن، وسيبكيك حي الميدان وحي الأمين ومخيم اليرموك، متذكراً إخلاصك الكبير لفلسطينك وتكريسها وتجذيرها في أدبك وفنك ولقاءاتك، تماماً كما هو غسان كنفاني الذي أحببته فكراً وأدباً.
وإذ ينعي اتحاد الكتاب العرب في سورية الأديب والسيناريست المبدع حسن سامي يوسف فإنه يؤكد أن الكلمة المقاومة والفن الهادف لا يقل أهمية عن الرصاصة الموجهة إلى قلب العدو في ساحة المعركة، وهو النهج الذي سار عليه الفقيد الراحل في أعماله كلها.
لروحك الرحمة والخلود وأنت الحاضر ما بقي في الأمة مقاوم ومتمسك بالدفاع عن حقه المسلوب.