السيطرة على عقولنا.. “مزارع النقرات” تهديد آخر لمصداقية وسائل التواصل الاجتماعي

د. منذر علي أحمد:

في مطلع كتابها نسيان com، كتبت أحلام مستغانمي الإهداء التالي: “أهدي هذا الكتاب أولاً إلى قراصنة كتبي. فلا أعرف أحداً انتظر إصداراً جديداً لي كما انتظروه.. أنا مدينة لهم بانتشاري. فلولاهم ما فاضت المكتبات بآلاف النسخ -المقلدة طبق الأصل- عن كتبي.. المجد للصوص جميعهم. هذا زمن الأيدي التي تنهب لا تلك التي تكتب”.
إن كانت هذه حال الكتب والروايات والإصدارات الفريدة التي تُطبع وينتظرها القراصنة أكثر من القراء ويترقبونها بشوق ليبنوا عليها أمجادهم أو ليعززوا ثروتهم، فما بالك بعصر وسائل التواصل الاجتماعي؟.
في عصرنا الحالي، عصر التكنولوجيا، بات اللصوص وصناع السياسة والرأي العام أكثر قدرةً ومعرفة في كيفية الاستفادة من نتاج الآخرين وتسخيره لصالحهم، عبر استخدام الموجات والموضات الجديدة التي فرضها الإعلام الجديد، وفي الآونة الأخيرة تزايد (وبشكل قسري) اهتمام وسائل الإعلام التقليدي ومجمل فئات المجتمع بما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي، نتيجة تطور المواقع والصفحات والحسابات خلال العقد الأخير لتصبح مصدراً رئيساً للأخبار والمعلومات من مصادرها الأصلية صانعة القرار (كحساب الرئيس الأمريكي السابق ترامب على تويتر) أو من المستخدمين العاديين الذين استطاعوا أن يكونوا أكبر مزوّد للمحتوى المصور والمكتوب وانتشار ظاهرة البلوغرز واليوتيوبرز والتيكتورز وصناع المحتوى لمختلف المنصات الأخرى.


بعد هذا الانتشار الكبير أصبحت جميع الصحف والقنوات والمواقع مضطرة لكي تكون ناقلة لذلك المحتوى ويتم تبرير الأمر لدى كثير من القنوات، خاصة عند الحديث عن بعض الموضوعات الحساسة والجدلية، بأن ناقل الكفر ليس بكافر، وهذا الموضوع “ترند” ولا يمكن تجاهله.
الأمر قد يبدأ على صفحات التواصل الاجتماعي ولكن قصة النجاح ستقاس بمدى انتشارها وتفاعلها على صفحات التواصل الأخرى ومدى تحقيق أقصى قدر من الرؤية والتأثير.
ووجد الإعلام التقليدي نفسه مقاداً طوعاً أو قسراً نحوها بحكم أنها أصبحت حدثاً مهماً لا يمكنهم تجاهله أو التغاضي والتغافل عن ذكره، وتراهم يخصصون وقتاً طويلاً من فترات بثهم للحديث عن أكثر المقاطع متابعة وآخر “التريندات” والصيحات في عالم السوشال ميديا، إما من باب التوفير المادي وإما من باب التشويق وأحياناً كثيرة من باب توجيه العقول والتأثير الممنهج والتراكمي في عقول المشاهدين بهدف التأثير المتدرج في الرأي العام وتوجهاته.
لعل الأمور كانت في بداياتها حقيقية أو أقرب إلى الحقيقة، فما يجري من آراء وتوجهات للرأي العام الإلكتروني يمكن أن نقول إنها لم تكن موجهة أو مدفوعة أو واقعة تحت سيطرة العملاء الذين يملكون المال ويسعون إلى فرض آرائهم وتوجهاتهم، لا شك أن انتشار عشاق ومهووسي اللايكات دفعت بكثيرين إلى الانجرار وراء نشر أخبار تكون في كثير من الأحيان غير موثوقة، فقد انتقل الوضع من كون كل شيء طبيعياً إلى تحول كل شيء إلى شكل صناعي، فالكاتب الذي كانت تنفد نسخ كتبه من السوق كان يعدّ الأمر دليلاً على انتشار كتاباته ونجاحها، لكن الإعلام الجديد جاء ليعتمد مؤشرات جديدة للدلالة على قوة انتشار محتوى معين ومدى وصوله، فالفيسبوك يقدر الإعجابات والتعليقات ويقدس المشاركات، ولقياس كل تلك التفاعلات يقوم باستخدام خوارزميات، وهي مجموعة من البرمجيات والمعادلات الآلية التي تستخدم لقياس مدى جودة كل منشور يتم نشره على الفيسبوك، بهدف تقييمه ومن ثم إظهاره للمستخدم المناسب في الوقت المناسب وفي المكان الأنسب… وتملك الشركة ومالكوها وممولوها والسلطات التي تتحكم فيها اليد الطولى في التحكم في هذه الخوارزميات والنتائج وتوقيت حجبها أو عرضها، وأكبر مثال هو ما شهدناه خلال ممارسة ما يسمى حظر الظل تجاه بعض القضايا الحساسة كالقضية الفلسطينية.
وظف بعض الناس السوشيال ميديا لأغراض حزبية وطائفية ضيقة وحولوها إلى منصات للسب وشتم الناس وتشويه سمعة الناس عند الخصومة وتكريس العنصرية والمناطقية والديماغوجية ورمي الاتهامات وزرع الفتن بدون أي وجه شرعي أو قانوني. فطالما تملك المال فأنت تستطيع عبر مزارع النقرات أن تحصل على الشهرة عبر وصول محتواك إلى ملايين المتابعين، طبعاً عبر شراء اللايكات والمعجبين والتعليقات والمشاركات، فمئات الآلاف من التعليقات القادمة إليك من مزارع كليك فارم (Click Farm) كفيلة بأن تجعل من اسمك “ترند” ضارباً بكل سهولة مشهوراً ومتابعاً في مواقع التواصل الاجتماعي وربما في وقت لاحق نجماً من نجوم وسائل الإعلام التقليدي.

 

آخر الأخبار
وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج هل سيضع فوز الليبراليين في انتخابات كندا حداً لتهديدات ترامب؟  بمبادرات أهلية تركيب 60 جهاز إنارة لشوارع دير الزور غرق عبارتين تحملان شاحنات بنهر الفرات الثورة" على محيط جرمانا.. هدوء عام واتصالات تجري لإعادة الأمن العفو الدولية": إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة ويجب محاسبتها   العراق تدعو لتسوية تضمن وحدة سوريا واستقراها 90 ألف غرسة مثمرة والخطة لإنتاج 69 ألف غرسة أخرى في القنيطرة ثانوية جديدة للعلوم الشرعية في طفس تعاون هولندي ومشاريع قادمة لمياه حلب بحث احتياجات حلب الخدمية مع منظمة UNOPS   المخابز تباشر عملها في درعا بعد وصول الطحين