الثورة – رفاه الدروبي:
كان للكتابة أثر بالغ في تفريغ ما يجول في مخيلة كثير من الشباب، تدعوهم كي تخطَّ أناملهم أحلى الكلمات، لذا أُطلقت المنابر الثقافية لاحتضان المواهب، واتجهت جهود إدارة ثقافي أبو رمانة لإطلاق “صالون الشباب الثقافي” أدار جلساتها شعراء عدِّة منذ عام، لتكون الجلسة الحالية، بإشراف الدكتور الشاعر أسامة حمود، ومشاركة باقة من المواهب الشابة طرقوا باب أجناس أدبية متعددة.
لتصحيح المسار
مدير مركز ثقافي أبو رمانة عمار بقلة أشار إلى أنَّه تمَّ إطلاق “صالون الشباب الثقافي” في المركز منذ أكثر من عام، وحدّدت جلسة كلّ شهر، ويمكن استقطاب فريقا من ضمن الفرق الثقافية، أما الجلسة الحالية فكانت لأدباء شباب سورية، وسيكون الشهر القادم لفريق مئة كاتب وكاتب. الصالون محاولة لاستقطاب الفئة الشابة المبدعة الموهوبة، وإتاحة المشاركة لهم لارتياد المنبر، ويخصص لكلِّ جلسة مشرف تقييم لتوجيه البوصلة بالاتجاه الصحيح، وهناك كثير من الشباب لديهم موهبة، ولابدَّ من تبادل الخبرة، وتصحيح المسار.
البوصلة غائبة
رأى الدكتور والشاعر أسامة حمود أنَّ وزارة الثقافة، ومديريتها في دمشق، وحتى اتحاد الكتَّاب العرب تعمَّدوا احتضان المواهب وتقديم كل ما يلزم لهم، وأصبح الصالون الشبابي طقساً أدبياً، وضعت الخطط له بهدف توجيههم في بداية كلِّ مرحلة، وتقديم كل ما يلزم لها، وإتاحة المنبر لهم، لأنَّ علاقة الموهوب معه علاقة عضوية، يجب الاهتمام بها بالصورة المطلوبة، ويمكن أن تكون البوصلة غائبة، ولا يحدد وجهته الشعرية، فيما لو كان يكتب شعراً أو نثراً أو شعراً نثرياً، ويمكن تهذيب التجربة، بما يفيد مسيرتهم، لافتاً إلى أنَّ هناك الكثير من المواهب الشابة تستحق الرعاية والاهتمام، وخرَّجت الصالونات الشبابية الأدبية الكثير من الأصوات من ترفع لهم القبعات، ويمكن أن يكون مبرراً لاستمرارها، وعدم ترك الحبل على الغارب لضعاف النفوس من ارتدوا لباس الأدب لمقاصد لا تتناسب مع أهداف الساحة الثقافية.
كما بيَّن الدكتور حمود أنَّ الواقع المبشّر من يأتي إلى الصالونات أغلبهم من المهتمين بالأدب من الأجناس الأدبية، القائمين على الثقافة في المؤسسات يهيئون الكثير من الخبرات، وتخدم التوجُّه لدى الشباب، كما نجد في كلِّ صالون أدبي شباباً ضليعين في مختلف فنون الثقافة، وهناك مختصون حريصون على تقديم التوجهات والمساعدات، ولا يقتصر الإفادة على الموهبين بل تكون عامة، والكلّ يستفيد من تجارب بعضه البعض، ويشذّب التجارب فالمسألة تكاملية وتلاقح أفكار لدى كل جيل من الأجيال، منوِّهاً إلى أنَّ طرق الاستقطاب مختلفة بعضها تكون بمجهودات فردية، وأخرى بفكر مؤسساتي، لكن هناك بعض الموهوبين استقطبوا أقرانهم، والنتائج تخضع لفرز بعض الأصوات المميزة، ويمكن إقحامهم على المنابر الثقافية مع أسماء معروفة، واعتبره إنجازاً بالنسبة للشباب، بينما تحتاج الفئة الأخرى إلى صقل يتمُّ العمل عليها، والتواصل الشخصي أحياناً.
مقومات الكتابة
ثم انتقل للحديث عن ضرورة إعطائه النصوص قبل إلقائها على المنبر، لكن عندما يكتبون لابدَّ أن تتوفر مقومات ثلاث: المبنى، المعنى، جماليات النص، وبدأ عن المبنى يكون بتحديد هوية ما كتب من الأجناس الأدبية وتسير وفق أسس واضحة لأي نوع من الأجناس الأدبية، إذ يطرق كافة التساؤلات في مخيلة الكاتب، ويحدّد الهوية، وكتابته دفقاً أم نظماً، مشيراً إلى أنَّه عندما يعرف بحور الشعر والجوازات والدلالات، وغياب الأخطاء اللغوية أو العروضية، لكن لا نشعر بمذاق عذب لما نسمعه أو يسمع نظماً، عندما يخرج من القلب يصل إليه فبعضهم ليس لديه ميزة جمالية النص، منتقلاً للحديث عن مقومات قصيدة النثر بأنَّها ليست بالبساطة كما يعتقد البعض لكنَّها تعتمد على مقومات تتجلى بالوحدة الموضوعية، والتكثيفات اللازمة بالرمز أيضاً، ويعتبر مصطلح إشكالي، ترى يمكن إقحام الرموز للمتلقي، ولاسيما في النص، في مفصل من المفاصل، وسماع شعراً نخبوياً مع التوغّل في الرمزية لدرجة لا يستطيع المتلقي أن يفهمها كما يفعل أدونيس بحيث لا يمكنه تفكيكها، بينما اتبع نزار قباني أسلوب البساطة في طرح الفكرة وأنَّه لم يكن ضد استخدام الرمز في النص الشعري، لكنَّه يتيح للمتلقي أن يفكك الرموز، ويفهمها بالصورة المرادة لديه.
بناء شخصية متفردة
فيما رأى الشاعر أسامة أنَّ مسألة المبنى تبقى إشكالية، وهناك جمهور للنص العمودي، وآخر للنثري، ونجد بعض العداوات بين الشكلين كما بيَّن نزار قباني رائد الحداثة عندما كتب قصيدة التفعيلة، وليس النثر فكتب مارون عبود رسالة إلى نزار قباني قال له: “إنَّ الشعر رقص والرقص غناء فارقص كي نصفِّق لك”، والسبب خروجه عن بحور الفراهيدي، وبدأ بإخراج شكل آخر من أشكال الشعر لم يكن مألوفاً، حيث حمل ردّ نزار قباني: “إنَّني أعتذر عن تأخُّري بالردِّ على رسالتك،
كان ينبغي أن أسبق أشعة الشمس إلى ستائرك. إنَّك واحد ممَّن يعدون الزغب الذي يثبت تحت أجنحتنا، وعندما نسأل: في أيِّ زمن كنت؟ ستقول:” إنَّنا في زمن مارون عبود”، وتعتبر الرسالة والرد من الرسائل الأدبية التي يعتدُّ بها تاريخ الأدب، مؤكِّداً أنَّ جماليات النص بالخبرة والقراءة تفتح أفقاً وفائدة تلقائية، مشدِّداً على أنَّ جمالية النص تأتي من خلال طرح ما يريده، وضرورة الابتعاد عن التقليدية ولا يلبس عباءة أحد أو يتقمَّص شخصية أيّ شاعر أو يلقي بنفس الطريقة والتنهيدات والوقفات والسكتات، ولا يتعاطى مع المنبر على أنَّه أمر مذموم والمفروض أن يبني شخصية متفرِّدة به.