الثورة – آنا عزيز الخضر:
المسرح العالمي يجسد المنهل الأول للاعتماد على نصوصه، التي تركز على الجانب الإنساني، لتشكل وجهة دائمة للمبدعين، منطلقين من منظور وحدة الطبائع والنوازع والمشاعر البشرية، لتتشابه بذلك جميع المجتمعات الإنسانية في بعض الحالات وفي بعض الظروف، وإن اختلف الواقع.. وهذه الركيزة تحديداً ما يبنى عليها الاختلاف والعوالم الأخرى، ليكون هنا عالماً جديداً بحق.
وهذا ما كان في عالم عرض “البخيل” لموليير للمخرجة للمرة الأولى رنا جمول، وقاربت في المسرحية “البخيل” الواقع في سورية بشكل كبير، عبر التركيز على بشاعة البخل وأثره على الوسط الاجتماعي للبخيل، وذلك عبر أسلوب الكوميديا، والتي حملت حلولاً إخراجية خاصة، جمعت أساليب عدة في نفس الوقت.
عرض “البخيل” جمع حوارات غنية بين الشخصيات، لنكتشف مرونة طرح الأفكار، ولتعميق الإحساس بالفكرة إضافة إلى غرابتها المضحكة المبكية.
ففي نفس النص الذي تم إعداده، أدخلت عناصر كوميدية متجددة، أضيفت إلى أجواء العرض، ليكون ذا صبغة محلية بامتياز، قريب من الجميع، ليترك بصمةً هامة وأثراً لا ينسى على المتلقي، خصوصاً أن العرض، لم يعتمد على الفصحى، لأداء حوار النص، وإنما على العامية الدارجة، القريبة عن قصد من كلام الناس في الشارع، للاستفادة من قربها من قلوب الناس، مما أخذ بال عرض “البخيل” إلى أن يكون أكثر قبولاً وإقناعاً، ليجد المتلقي نفسه بين تفاصيله وأحداثه، عدا عن علاقاته وأجوائه وحالات حياتية ويومية وواقعية تم طرحها بجرأة وبساطة، ليمر العرض ببنيته الدرامية الجديدة على حالات اجتماعية وإنسانية معاشة رغم عالمية النص.