الثورة _ رفاه الدروبي:
نفَّذ النحَّات وضاح سلامة عملاً أطلق عليه «اللحظات الأخيرة» أنجزه من مادة الحديد والعضم الطبيعي، واستغرق فيه مدَّة شهر واحد، ويُمثِّل حيوان الوشق بلحظة افتراس فريسته من خلال وجهين أحدهما حي، والآخر في لحظات الموت، بينما يدلُّ اللون الطبيعي للجمجمة على وجود بقايا من الروح بداخلها.
النحَّات سلامة أشار إلى أنَّه تمَّ إظهار حالة الافتراس والسيطرة للمحافظة على وضعية التكوين، وتحديد خطوطه بالفراغ كي يعطي رؤية بصرية انسيابية، يعكس قدرته الفنية الكامنة على التجريب، واستنباط تكوينات جديدة فيها من الدهشة ما يجعل المتلقي يقف لفترات طويلة يتأمل ما أنجزت يداه من سحر ويُطوِّع المادة كما يريد ويرغب.
ولفت إلى أنَّ وجه الوشق تظهر عليه معالم القوة المتجسِّدة في أنيابه الحادة والعيون البرَّاقة، واتجاه الخطوط في الوجهين عبارة عن دراسة غرافيك بطريقة «التهشير» أي مؤلفة من خطوط متداخلة لخلق ربط بين الوجهين عرضها ضمن معرض جماعي للنحت في البيت الأزرق.
قال وضاح سلامة: إنَّه نفَّذ العمل من قضبان حديدية سماكتها ٤مم متداخلة مع بعضها بعضاً، مشغولة بشكل يدوي باللفِّ والالتواء، ثم لجأ إلى تماسك الأجزاء بوساطة التلحيم عن طريق قوالب معدنية مصنوعة يدوياً. والعمل ينتمي إلى المنهج الواقعي، ربطه بالمنهج السريالي، الظاهر في الجمجمة الطبيعية لحيوان كان يوماً موجوداً في الحياة وفقد روحه، والعضم مكسو نصفه بالمعدن، مُدْخِلاً بما تبقى من العضم الحقيقي، إضافة إلى تلوينه بلون الحياة دلالةً على أنَّ جزءاً منه ميت، والجزء الآخر المسيطر على الفريسة على قيد الحياة، مبيَّناً أنَّ سبب اختياره للحيوان بذاته حبّه له ولعيونه وحدتها خاصة، وشكله الجميل، فوراء الجمال مخبَّأ وحش مفترس.
وذكر أنَّ الدمج بالنسبة له من أجمل الحالات المشغول عليها، لأنَّها تُظهر مكنوناته الداخلية، ووصوله للمتلقي يكون أسهل وأبسط، بينما يستقي موضوعاته من كلِّ مشاهداته في الحياة اليومية المحيطة به، فوجود الحيوانات بأعماله يدلُّ على كلِّ حي، واختياره لها لكثرة أشكالها، وتنوّعها وجمالها، لكن مدلولاتها يكون بالتعبير عن ما يدور في مكنوناته الداخلية.

السابق
التالي