الثورة – رشا سلوم:
الأستاذ الدكتور مروان المحاسني ليس طبيباً جراحاً وكفى.. إنما واحداً من المفكرين المهمين جداً، ولغوي له الباع الطويل في هذا الشأن ما جعله يتبوأ رئاسة أعرق المجامع اللغوية مجمع دمشق.
شغل عدداً من المناصب الأكاديمية في كثير من الهيئات العلمية، منها رئيس قسم الجراحة في كلية الطب بجامعة دمشق، وأستاذ ورئيس قسم الجراحة في جامعة الملك عبد العزيز- السعودية بجدة، ومدير التعليم الطبي في مستشفى الملك عبد العزيز، وشغل عضوية كثير من الجمعيات والهيئات العلمية منها المجلس الأعلى للعلوم بدمشق، والمجلس الصحي الأعلى بدمشق، وجمعية جراحة الصدر في إنكلترا، وأكاديمية العلوم بنيويورك. ورَأَس مدةً طويلة لجنة الحوار بين الحضارات (79-1995)، وهو عضو مؤسِّس للمجلس العربي للاختصاصات الطبِّية (البورد العربي)، وعضو مؤسس في جمعية أصدقاء دمشق.
من مؤلفاته
بيولوجية الحيَوان: ترجمة بالاشتراك، المجلس الأعلى للعلوم بالقاهرة، 1960.
المعجم الطبِّي الموحَّد: ثلاثي اللغات، بالمشاركة، ط1/ مطبعة المجمع العلمي العراقي ببغداد 1973، القاهرة 1977، ط2/ جامعة المَوصِل بالعراق، 1978، ط3/ ميدليفانت بسويسرا، 1983، ط4/ منظمة الصحة العالمية ومكتبة لبنان ناشرون ببيروت، 2009.
الكلمات الإيطالية في لغتنا العامِّية، دراسة تاريخية لغوية، دار العربيَّة ببيروت.
كلمات في التراث واللغة والعلوم، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2011.
معجم ألفاظ الحضارة الجزء الأول (المهن والحِرَف والمنزل والملابس)، ثلاثي اللغات، بالمشاركة، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2014.
معجم العبارات الاصطلاحية في اللغة العربية المعاصرة، ثلاثي اللغات، بالمشاركة، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2021.
العدوان الثقافي والعولمة، في قيد الطباعة.
وله بحوثٌ علمية منشورة في مجلات طبِّية عربية وأجنبية.
جديد دراساته ما صدر بعد رحيله عن الهيئة العامة السورية للكتاب بدمشق تحت عنوان؛ مجتمعنا بين الحداثة وما بعد الحداثة..
من هذه الدراسة نشير إلى رأيه في الحداثة العربية وقد جاء تحت عنوان حداثتنا يقول:
من أهم التساؤلات التي تطرحها الأصوليات المشرقية في تلك المواجهة وهي تصر على التمسك بما نشأت عليه دون تبديل أو تحوير: هل نجد في الميراث الغربي ما يناسب حاجاتنا ويخدم مستقبلنا ويدخل آمالاً جديدة إلى نفوسنا، ويبعد عنا اليأس من المستقبل؟.. وذلك دون أن نستسلم لأحلام وردية وتجاهل حقائق واقعنا ونتنكر للرواسي الحضارية التي بنيت عليها ثقافتنا واستقرت في صميم هويتنا؟؟
والمنطلق الفكري لهذه التساؤلات هو: ما الذي يلزمنا أن نعتبر المفاهيم الغربية المطروحة فكراً قابلاً للعالمية أي هل نجد فيه معظم الموضوعات ذات المعنى العالمي التي تتطابق مع تطلعات جميع الأفراد وجميع المجتمعات؟؟ وهل علينا أن نقر بأن عماد هذه المفاهيم هو العقلانية ونعتبر العقلانية حكراً على الفكر الأوروبي الذي لا يرقى إلى مثله فكر آخر؟؟
والحقيقة التاريخية هي أن الحداثة الأوروبية لم تصادف عند انطلاقها الأول خارج إطارها الأصلي في أي جزء من العالم المعروف، عندئذ أي صفحة بيضاء قامت برسم رموز حضارتها عليها، بل إنها في انتشارها كانت كيفما تلفتت تجد أرضاً محروسة وعالماً متكوناً فاعلاً ومنفعلاً، ولو أن الأوروبيين قد أنكروا ذلك ودمروا حضارات متميزة كالتي كانت قائمة في جنوب أمريكا قبل وصولهم إليها ليفرضوا على أبنائها طبائع غريبة عليهم أدت إلى هلاكهم.
كما أنه من المعروف أن الثقافة الغربية قد حددت نفسها في مقابل الحضارة العربية الإسلامية وذلك اعتباراً من القرن العاشر للميلاد بتأثير البريق الحضاري المنبعث من الأندلس. لقد كان هذا البريق توهجاً شاملاً للفكر والعلم والفن يحمل نزعة إنسانية تمثل وعياً شعورياً بالنفس في تبادليتها مع الآخر، تلك النزعة الإنسانية التي كانت قد ظهرت بوضوح في كتب الجاحظ وكتب كل من التوحيدي وابن طفيل.
وحين نقول إن الثقافة الغربية قد حددت نفسها في مقابل الحضارة العربية الإسلامية بمحتوياتها الثرة نعني أن هذا البناء قد انطلق حين اعتمدوا رواسي الفلسفة الرشدية التي استنبطوها وبنوا فكرهم على نواظمها ليخرجوا من ظلاميات القرون الوسطى كما ذكرنا سابقاً.