الثورة – يمن سليمان عباس:
يقال في الأمثال: دنا خريف العمر، أي أنه قد وصل إلى ما يشبه النهايات، ولكنهم يقولون أيضاً إنه النضج والحكمة والعطاء والقدرة على التناغم.
وما هو في دائرة الحياة الإنسانية ذاته في الطبيعة.
الخريف في الإبداع يحمل الدلالات المتناقضة فهو عند بعضهم ذروة الجمال وعند آخرين مؤشر على النهايات..
في هذه الوقفة نستعرض بعضاً مما خطه الشعر في شهر أيلول..
يقول إيليا أبو ماضي:
ألحسن حولك في الوهاد وفي الذرى —- فانظر ألست ترى الجمال كما أرى ؟
“أيلول” يمشي في الحقول وفي الربى —- والأرض في أيلول أحسن منظرا
شهر يوزّع في الطبيعة فنّه —- شجراً يصفّق أو سنا متفجّرا
فالنور سحر دافق، والماء شعر —- رائق، والعطر أنفاس الثرى
لا تحسب الأنهار ماء راقصاً —- هذي أغانيه استحالت أنهرا
وانظر إلى الأشجار تخلع أخضرا —- عنها، وتلبس أحمرا أو أصفرا
تعرى و تكسى في أوان واحد —- والفنّ في ما ترتديه وفي العرا
فكأنّما نار هناك خفيّة —- تنحلّ حين تهمّ أن تستشعرا
و تذوب أصباغاً كألوان الضحى —- وتموج ألحاناً و تسرى عنبرا
صور وأطياف تلوح خفيفة —- وكأنّها صور نراها في الكرى
لله من ” أيلول ” شهر ساحر —- سبق الشّهور وإن أتى متأخّرا
من ذا يدبّج أو يحوك كوشيه —- أو من يصوّر مثلما قد صوّرا ؟
لمست أصابعه السّماء فوجهها —- ضاح ، ومرّ على التراب فنوّرا
ردّ الجلال إلى الحياة وردّني —- من أرض نيويورك إلى أمّ القرى
أما الشاعر الفلسطيني منذر أبو حاتم فله رأي آخر أيضاً:
الليل يمعن في السفر
وعلى أطاريف المدى
تحلقين كما القمر..
الليل يمضي مثل غيمات الشتاء
كالنهر حين يذوب فيه
مبكراً عطر الضياء
الليل يمضي دون وجهك..
آه من هذا المساء..!
ها قد أتى أيلول يحمل
في ثناياه الرياح
وأنا إذا جاء الشتاء
تصيبني عدوى المطر..!
الليل يمضي مثل قلبي
مثقلاً ملّ السفر
وإذا بكت هذي الغيوم
ودغدغ الريح الشجر
سأكون دونك موحشاً..
متوحداً.. كما القمر..!
كوني معي إن زار ليلي
بغتة صوت المطر..
كوني لنشعل نارنا..
ونعيد إنشاد السهر
الليل يمعن في السفر
وعلى بدايات المدى
تحلقين.. كما القمر
ولكن أيلول عند محمود درويش مرتبط بالرحيل بالتهجير كما في ملحمته مديح الظل العالي:
بحرٌ لأيلولَ الجديدِ. خريفُنا يدنو من الأبوابِ…
بحرٌ للنشيدِ المرِّ. هيَّأنا لبيروتَ القصيدةَ كُلَّها.
بحرٌ لمنتصفِ النهارِ
بحرٌ لراياتِ الحمامِ, لظلِّنا ’ لسلاحنا الفرديِّ
بحرٌ’ للزمانِ المستعارِ
ليديكَ, كمْ من موجةٍ سرقتْ يديكَ
من الإشارةِ وانتظاري
ضَعْ شكلنا للبحرِ. ضَعْ كيسَ العواصفِ عند أول صخرةٍ
واحملْ فراغَكَ… وانكساري
…. واستطاعَ القلبُ أن يرمي لنافذةٍ تحيَّتهُ الأخيرةَ,
واستطاع القلبُ أن يعوي, وأن يَعدَ البراري
بالبكاء الحُرِّ…
بَحْرٌ جاهزٌ من أجلنا
دَعْ جسمك الدامي يُصَفِّق للخريفِ المُرِّ أجراساً.
ستتَّسعُ الصحاري
عمَّا قليلٍ, حين ينقضُّ الفضاء على خطاكَ,
فرغتُ من شَغَفي ومن لهفي على الأحياء. أفرغتُ انفجاري
من ضحاياك, استندتُ على جدارٍ ساقطٍ في شارعِ الزلزالِ,
أَجْمَعُ صورتي من أجل موتكَ’
خُذْ بقاياكَ, اتخذني ساعداً في حضرة الأطلالِ. خُذْ قاموسَ
ناري وانتصرْ
في وردةٍ تُرمى عليكَ من الدموعِ
ومن رغيفٍ يابسٍ, حافٍ, وعارِ
وانتصرْ في آخر التاريخِ…
لا تاريخَ إلا ما يؤرِّخه رحيلُكَ في انهياري
بحرٌ لأيلولَ الجديدِ. خريفُنا يدنو من الأبوابِ…
بحرٌ للنشيدِ المرِّ. هيَّأنا لبيروتَ القصيدةَ كُلَّها.
بحرٌ لمنتصفِ النهارِ
بحرٌ لراياتِ الحمامِ, لظلِّنا ’ لسلاحنا الفرديِّ
بحرٌ’ للزمانِ المستعارِ
ليديكَ, كمْ من موجةٍ سرقتْ يديكَ
من الإشارةِ وانتظاري
ضَعْ شكلنا للبحرِ. ضَعْ كيسَ العواصفِ عند أول صخرةٍ
واحملْ فراغَكَ…وانكساري
…. واستطاعَ القلبُ أن يرمي لنافذةٍ تحيَّتهُ الأخيرةَ,
واستطاع القلبُ أن يعوي, وأن يَعدَ البراري
بالبكاء الحُرِّ…
بَحْرٌ جاهزٌ من أجلنا
دَعْ جسمك الدامي يُصَفِّق للخريفِ المُرِّ أجراساً.
ستتَّسعُ الصحاري
عمَّا قليلٍ , حين ينقضُّ الفضاء على خطاكَ,
فرغتُ من شَغَفي ومن لهفي على الأحياء. أفرغتُ انفجاري
من ضحاياك, استندتُ على جدارٍ ساقطٍ في شارعِ الزلزال,
أَجْمَعُ صورتي من أجل موتكَ’
خُذْ بقاياكَ, اتخذني ساعداً في حضرة الأطلالِ.
خُذْ قاموسَ ناري وانتصرْ
في وردةٍ تُرمى عليكَ من الدموعِ
ومن رغيفٍ يابسٍ, حافٍ, وعارِ
وانتصرْ في آخر التاريخِ…
لا تاريخَ إلا ما يؤرِّخه رحيلُكَ في انهياري
أما شاعر الطفولة سليمان العيسى فيراه عودة النور إلى المدارس يراه ضحكات الأطفال وهم يلهون ذهاباً وإياباً إلى المدارس:
ورقات تطفر في الدرب
والغيمة شقراء الهدب
والريح أناشيد
والنهر تجاعيد
يا غيمة يا أم المطر
الأرض اشتاقت فانهمري
والفصل خريف
عدنا عدنا بدفاترنا
بأغانينا وأناشيدنا
البسمة في شفتي
ما أحلى مدرستي
والفصل خريف.