الملحق الثقافي-غسان شمة:
شيء ما يعبر بنا ما بين سحب متراكمة من الحلم والوهم مدفوعاً بقلق البحث عن راحة تكاد تتلامح في الأفق سراباً سرعان ما يتبدد تحت رزايا الواقع والوقائع، فهل الراحة شيء قريب حتى تكاد تقبض عليه بيدين من تعب وكبد، أم أنها بعيدة لا تنال «إلا على جسر من التعب» كما قال الشاعر ذات قلق يغوص باحثاً عن جوهر قد لا يبدو أكثر من سراب أيضاً..؟
أيهما أجدى: أن تمتلك عقلاً يدرج على أرض ثابتة وراسخة وغير قابلة للنقاش والتغيير لأنها مغلفة بقناعات متوارثة غير قابلة للجدل وهو ما يمنح صاحبه شيئاً، أو كثيراً، من الراحة المجدولة بخيوط من التسليم، أم نمضي في سيل الأسئلة الصعبة التي ترهق العقل وتدفع بك على عربات القلق رغم إيمانك بأنه لا بديل عن ذلك عسى أن تقبض على ما يُسلم روحك لراحة كبرى تتسلل من قلبك إلى عقلك وبالعكس؟ لكن حين تمعن وتتمعن فيما يدور حولك من أحداث وتقلبات متسارعة وعسيرة على الهضم فتغدو أشبه بغمامة سوداء تدفعها رياح عاتية في مدى لا نهاية له..!
عالم من ورق وغرائب وأكاذيب تحاصرك في كل مكان فهل من مهرب لك وأنت تئن تحت قوافل الرهبة والضياع والغربة؟ .. هل من عبث أكثر وأكبر مما يجري أما عيوننا ونحن نمسك جمر أنيننا الذي لا طائل منه كما يبدو أمام توغل الإنسان في غابة لا تني تتسع على طبيعتها وطبيعة الإنسان نفسه كما يبدو على حد وصف المتنبي في واحدة من لحظات تجليه الشعري الذي يتفجر معرفة وخبرة إنسانية: «والظلم من شيم النفوس فإن.. تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم»!!
من قلب هذه الظلمة ستبقى روح الإنسان تحفر لمرور قبس من ضوء.. «لعل لي أملاً لعل».
العدد 1203 –3 -9 -2024