الثورة – ترجمة ختام أحمد:
تزعم إدارة بايدن أنها تدفع باتجاه “وقف إطلاق نار مؤقت” بين إسرائيل وحزب الله لتجنب صراع أكبر، لكن هذا يأتي في وقت متأخر للغاية ولا يمثل جهداً جاداً لمنع حرب جديدة في لبنان. إنه في أفضل الأحوال تمرين يائس في اللحظة الأخيرة في اتباع الحركات الدبلوماسية. تود الإدارة أن تتظاهر بأنها متفرج سلبي يتوسل من على الهامش بدلاً من كونها الراعي الرئيسي ومورد الأسلحة للطرف المتحارب الرئيسي في الصراع، وهي تصمم توسلاتها لتكون بلا أنياب حتى تتمكن إسرائيل من تجاهلها بأمان.
لقد رفضت الولايات المتحدة ممارسة أي ضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو طيلة الأشهر الـ 11 الماضية، واستمرت في تزويد “إسرائيل” بالأسلحة بغض النظر عن كيفية استخدام تلك الأسلحة لارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين. والآن يقول المسؤولون الأميركيون إنهم لا يريدون المزيد من التصعيد في لبنان، ولكن مرة أخرى لن تدعم الإدارة هذه الكلمات بالأفعال. تستطيع الولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها لكبح جماح “إسرائيل” والإصرار على خفض التصعيد الذي تقول الإدارة إنها تريده، ولكن الرئيس أظهر أنه ليس لديه أي مصلحة في القيام بذلك.
إن مفاوضات وقف إطلاق النار الفارغة في غزة تثبت ذلك. فقد أصبحت محادثات وقف إطلاق النار في غزة عملية لا نهاية لها ومصممة لكي لا تؤدي إلى أي شيء. وقد استجابت الإدارة لتفضيلات حكومة نتنياهو في كل منعطف. وفي كل مرة يضيف فيها نتنياهو شروطاً جديدة لكسر الصفقة أو يسعى بطريقة أخرى إلى تعطيل المفاوضات بهجمات جديدة، انحازت الإدارة إلى جانبه وتظاهرت بأن “حماس” هي العقبة الوحيدة أمام تأمين اتفاق. ولا يمكن للولايات المتحدة أن تكون لاعباً دبلوماسياً موثوقاً به في المنطقة عندما يكون دورها الأساسي هو العمل كوكيل علاقات عامة لنتنياهو.
وتفترض الحكومة الإسرائيلية أن الولايات المتحدة لن تحجب الأسلحة أو الدعم الدبلوماسي أو الحماية العسكرية تحت أي ظرف من الظروف، وهذا شجع نتنياهو على متابعة أهداف عدوانية بشكل متزايد. ولأن الولايات المتحدة تحمي “إسرائيل” من الأعمال الانتقامية العسكرية، فقد منحت نتنياهو حرية التصرف في الهجوم متى وأينما شاء. وقد زينت الإدارة كل هذا على أنه منع لحرب إقليمية أوسع نطاقاً، لكن الواقع هو أنها ببساطة أخرت اندلاع الحرب في حين زادت من احتمالات أن تكون أكثر تدميراً عندما تحدث.
إن الفشل التام لسياسة الإدارة الأميركية واضح للعيان. فمن المرجح أن تواجه المنطقة غزواً إسرائيلياً جديداً للبنان، ومن المؤكد أن هذا الغزو سوف يخلف آثاراً خطيرة مزعزعة للاستقرار في المنطقة بأسرها. وهذه هي الكارثة التي زعمت الولايات المتحدة أنها تعارضها منذ البداية، ولكنها لم تفعل شيئاً على أرض الواقع لوقفها، ولو كانت الولايات المتحدة راغبة حقاً في منع انتشار الحرب في غزة، لكانت طالبت بوقف إطلاق النار الدائم منذ أشهر. ولو كانت الولايات المتحدة راغبة حقاً في منع التصعيد في لبنان، لكانت قطعت عمليات نقل الأسلحة وسحبت قواتها من المنطقة بدلاً من الإسراع بإرسال المزيد من القوات إلى الشرق الأوسط. ولكن الولايات المتحدة فعلت كل ما كان من المتوقع أن تفعله إذا كانت راغبة في إشعال المنطقة.
إن الولايات المتحدة معرضة لخطر كبير يتمثل في الوقوع في فخ هذه الحرب الأكبر. ومن الأهمية بمكان أن تتجنب الولايات المتحدة التورط المباشر في الصراعات التي تخوضها إسرائيل. فليس للولايات المتحدة أي مصالح حيوية على المحك في هذه المعارك، وليس للرئيس سلطة إشراك القوات الأميركية بشكل مباشر، وليس من مسؤولية الولايات المتحدة أن تنقذ دولة عميلة متهورة عندما تقع في ورطة لا تطاق. والطريقة الأسرع لإرغام الحكومة الإسرائيلية على خفض التصعيد هي حرمانها من الدعم والحماية التي تعتبرها أمراً مسلماً به.
وبمجرد انتهاء الأزمة الحالية، فلا بد من إعادة النظر في السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة بشكل جذري. ولتجنب التورط في حروب الدول العميلة في المستقبل، يتعين على الولايات المتحدة أن تخفض علاقاتها مع حكومات الشرق الأوسط التي تعتمد بشكل كبير على إمدادات الأسلحة والحماية الأميركية. ولا تلتزم الولايات المتحدة رسمياً بالدفاع عن هذه الدول، ولا ينبغي لها أن تقدم ضمانات أمنية لأي منها. كما يتعين على الولايات المتحدة أن تقلص وجودها العسكري في المنطقة إلى الحد الأدنى المطلوب لتأمين سفاراتها. فقد كانت عقود من التدخل العسكري الأميركي المكثف في هذا الجزء من العالم مدمرة لدول المنطقة وللمصالح الأميركية، ومن مصلحة جميع الأطراف المعنية أن تنسحب الولايات المتحدة.
المصدر – أنتي وور