الثورة – دمشق – جاك وهبه:
أصدرت محافظة دمشق في آب الماضي قراراً يهدف إلى تنظيم أسعار خدمات التصوير الورقي في المكتبات، في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين جراء الأزمة الاقتصادية، ولاسيما الطلاب وموظفو القطاع العام الذين يعتمدون على هذه الخدمة بشكل يومي لإنجاز معاملاتهم.. وحدد القرار أجرة تصوير صفحة A4 بوجه واحد بمبلغ 250 ليرة سورية، والصفحة ذات الوجهين بمبلغ 350 ليرة.
ويُعد هذا القرار خطوةً في سبيل تخفيف الأعباء المالية على المواطنين، الذين يطالبون منذ فترة طويلة بوضع حد لاستغلال بعض المكتبات التي تفرض أسعاراً باهظة تفوق قدرة المواطن العادي.
ورغم أن هذا القرار يُعد استجابةً مباشرة لمطالب المواطنين، إلا أن تطبيقه على أرض الواقع أثار جدلاً واسعاً حول فعاليته، إذ ما زالت العديد من المكتبات في دمشق تتقاضى أسعاراً أعلى بكثير من التسعيرة الرسمية، فعلى سبيل المثال، في العديد من المناطق، يبدأ سعر تصوير صفحة A4 من 1000 ليرة، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الجهات الرقابية على فرض التزام المكتبات بالقرار الجديد.
ضعف الرقابة التموينية
ويشتكي العديد من المواطنين من عدم التزام المكتبات بالأسعار المحددة، ما يشكل عبئاً مالياً إضافياً عليهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.. يقول أبو محمد: أضطر لدفع 30 ألف ليرة مقابل تصوير 30 صفحة في إحدى المكتبات، بعدما رفضت الأخيرة الالتزام بالتسعيرة الرسمية، وأوضح أن المكتبة بررت ذلك بارتفاع تكاليف الورق والحبر، وعدم استقرار أسعار المواد الأولية، هذا الوضع يعكس حالة من الانفصال بين القرار الحكومي وواقع السوق، ويُظهر ضعف الرقابة التموينية، التي لم تتمكن حتى الآن من فرض التزام المكتبات بالأسعار الجديدة.
بدورها قالت السيدة لمياء، وهي معلمة: إن هذا القرار جيد، لكنه يظل حبراً على ورق إن لم يتم تطبيقه فعلياً، وأعربت عن أملها في أن تعمل الجهات الرقابية على مراقبة المكتبات بشكل أكثر فعالية لضمان تحقيق العدالة.
غير عادلة
من ناحية أخرى، يؤكد أصحاب المكتبات أن الأسعار الرسمية غير عادلة ولا تعكس الواقع الفعلي لتكاليف التشغيل، وفي حديثه عن هذا الموضوع، قال صاحب إحدى المكتبات في منطقة المزة: إن تكلفة المواد الأولية مثل الحبر والورق قد ارتفعت بشكل ملحوظ، ما يجعل الالتزام بالتسعيرة الحكومية أمراً غير مجدٍ، وأضاف أن ارتفاع أسعار الكهرباء وتكاليف الاعتماد على المولدات الخاصة يزيد من الأعباء، ما قد يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة إذا التزموا بالقرار.
فجوة بين التسعيرة والواقع
لاشك أن هناك فجوة واضحة بين التسعيرة الحكومية والواقع الاقتصادي الميداني، وهي انعكاس لمشكلة أعمق تتعلق بضعف السياسات الاقتصادية وعدم تكاملها، وأن إصدار قرارات لتنظيم الأسعار لن ينجح إذا لم تتم معالجة الأسباب الجذرية التي تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الخدمات، مثل تذبذب أسعار الوقود والطاقة، بالإضافة إلى صعوبة استيراد المواد الأولية، كما يؤكد الخبراء أن حل هذه الإشكاليات يتطلب مقاربة شاملة تشمل دعم قطاع الخدمات وتوفير حلول مستدامة لارتفاع التكاليف التشغيلية.
تحديات التطبيق والحلول الجذرية
في ظل هذا الواقع، يبدو أن تطبيق القرارات المتعلقة بتنظيم الأسعار، خصوصاً في الخدمات اليومية مثل التصوير، يواجه تحديات كبيرة، ومع ذلك، يظل المواطنون يأملون في أن تتخذ الجهات الحكومية خطوات أكثر فعالية لتخفيف الأعباء المالية عنهم، سواء من خلال تشديد الرقابة أو دعم قطاع المكتبات لتقليل التكاليف التشغيلية.