الثورة- منهل إبراهيم:
بلغ السخط من الحقيقة كما بلغ خطاب الكراهية مستويات جنونية في “إسرائيل”، وسرعان ما وجدت الرغبة في الانتقام، التي وُجهت ضد أهل غزة، هدفاً جديداً، هو لبنان ونحوه اندفع السعار الصهيوني نحو المدنيين في لبنان.
وفي هذا الصدد قال الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، إن الفوضى التي تبثها “إسرائيل” في شتى أرجاء “الشرق الأوسط” ستعود لتلاحقها.
و كتب هيرست على موقع “ميدل إيست آي” أن “إسرائيل” تقوم بإعادة هندسة الشرق الأوسط بأسره حتى يصبح كارهاً لها، بينما تظل القضية الفلسطينية بلا حل، وهي هندسة معاكسة لكل ما تم إنجازه على مدى ثلاثة عقود، منذ اتفاقيات أوسلو.
وأضاف “إنها شعيرة تؤدى في كل مرة تبدأ “إسرائيل” حرباً أخرى، قبل أن ينهمر الفوسفور الأبيض، وقبل الخوف والهلع الذي يتملك الناس وهم يهربون من بيوتهم، وقبل انتشار المقاطع المصورة للناجين المصدومين وهم يبحثون عن البقايا بين أنقاض مجمعاتهم السكنية المنهار.”
وتابع : “يطلق عليها شعيرة وقف إطلاق النار – استعراض على الملأ لعملية غسل اليدين، إنها تمثيلية التظاهر بأن ثمة دبلوماسيين نزهاء يحاولون البحث عن كل سبيل، ويبذلون قصارى جهدهم، من أجل الحيلولة دون انطلاق هذه الدورة من الجنون”.
ونوه: “قبل ساعات من إعلان إسرائيل عن أن هجومها البري على لبنان قد بدأ، كان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو يصر عبثاً في مؤتمر صحفي عقده في بيروت على أن مقترحه لوقف إطلاق نار يستمر واحداً وعشرين يوماً “ما زال على الطاولة”.
وأكد هيرست أنه بينما كان منهمكاً في مؤتمره الصحفي، كانت الولايات المتحدة، المشاركة في تبني المقترح مع فرنسا، تقول للصحفيين إن محادثات وقف إطلاق النار قد توقفت، تكرر هذا الموقف مرات عديدة طوال ساعات ما بعد الظهيرة. وتراكمت التناقضات.
وقال هيرست عن كذب أمريكا ومراوغتها: “كانت الولايات المتحدة تسعى للوصول إلى حل دبلوماسي في نفس الوقت الذي وصفت فيه اغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بأنه “خير محض”، ثم زعمت أنها قيدت إسرائيل بعملية محدودة على الحدود، في نفس الوقت الذي راحت فيه تعبر عن قلقها إزاء الجانب الإنساني من العملية. وبينما تعهدت بالاستمرار في العمل من أجل تخفيف التوترات، أقرت في نفس الوقت بأن إسرائيل بلد ذو سيادة يصنع قراراته بنفسه.”
وأوضح: “إذا ما بدت هذه الأحجية مألوفة إلى حد رهيب، فما ذلك إلا لأنها بالفعل كذلك، دعك من الإطناب، الخلاصة – وكما أكدت ذلك وزارة الدفاع الأمريكية – هي أن الولايات المتحدة تدعم الغزو البري للبنان، ولتشنق مخططات وقف إطلاق النار نفسها.”
وتابع هيرست: “نفس الشيء حصل في غزة قبل عام، حيث كانت عبارة “لدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها” تعني أن تخضع للتسوية بالأرض كل الأحياء السكنية التي كان من سوء حظها التواجد بجوارها”.
وأضاف: “تحقق هذه الرقصة البشعة غاية واحدة: كل منصات الإعلام في العالم الغربي تقريباً خرجت يوم الثلاثاء لتصف العملية الجارية في لبنان بأنها “مستهدفة” أو “محدودة” – هجمات دقيقة تنفذها مجموعات من المغاوير، تدخل ثم تخرج – تماماً كما حصل في المرحلة الأولى من الحرب على غزة.”
ففي تصريح لصحيفة واشنطن بوست، قال أحد المسؤولين الأمريكيين: “لا نتوقع أن تكون شبيهة بما حصل في عام 2006”.
“أما الدبلوماسيون والجنرالات الإسرائيليون، فلم يتمكنوا من ضبط ألسنتهم والامتناع عن التلفظ بالحقيقة، ومن هؤلاء سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، مايك هيرزوغ، الذي قال: “لم تقيدنا الإدارة الأمريكية زمنياً، فهم أيضاً يدركون أنه بعد اغتيال السيد نصر الله، ثمة وضع جديد في لبنان، وثمة فرصة لإعادة التشكيل”.
وختم هيرست: “سوف يغير نتنياهو وداعموه الأمريكيون الشرق الأوسط عبر غزو لبنان، هذا مؤكد، ولكن ليس تماماً بالطريقة التي يتصورونها.”