الثورة – السويداء – رفيق الكفيري:
تطل علينا الذكرى 51 لحرب تشرين التحريرية، والوطن أشد عزيمة وأكثر إصراراً على مواجهة كل من يحاول أن ينال من صمودنا ووحدتنا وسيادتنا الوطنية، انتصارنا في تشرين الفخار كتبه عظماء.. ووحدهم العظماء يصنعون التاريخ ويكتبونه، يرتقون بالوطن عالياً يسمو بهم ويسمون به، إنهم أبطالنا رجال الجيش والقوات المسلحة الباسلة صناع النصر المؤزر.
إن الأمة التي أنجبت أبطال ذي قار والقادسية، وعين جالوت وميسلون والثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي، هي نفسها التي أنجبت أبطال تشرين وأبطال الحرب على الإرهاب والإرهابيين.
ففي السادس من تشرين الأول عام 1973 كانت عيون جماهير شعبنا الأبي في سورية ترنو إلى الانتصارات التي حققها جيشنا الباسل على العدو الصهيوني على الأرض وفي البحر والجو، أحاديث الذكريات عن تشرين لا تنتهي أبداً، فمن مشهد الناس الذين خرجوا إلى أسطح المنازل أو ساحات المدن والقرى يتابعون بطولات جيشنا الباسل إلى الانتظام الشعبي الداخلي في حركة الحياة، الذين عاشوا وعاصروا حرب تشرين، ما زالوا يحملون الذكريات الجميلة والصور الرائعة عن ملحمة تشرين وانتصاراته.
انتزعت النصر من عيون الأعداء رئيس رابطة المحاربين القدماء في السويداء العميد عدنان مهنا قال: فجر السادس من تشرين عام 1973 سطعت فيه شمس العروبة لتلهب الكون بصهيل الخيول وبريق السيوف وسيول الدماء الطاهرة بين التراب المقدس، من أجل التحرير.. تحرير التراب من دنس عنجهية الصهيونية، لقد كانت تلك الحرب المقدسة المنعطف الكبير الذي صحح البوصلة، وأعاد رسم الوجه العربي الأصيل.. تلك الحرب التي انتزعت الكرامة المسلوبة من فم الإمبريالية وأذيالها على مساحة العالم، وأيقظت نيام العرب من سباتهم العميق، وها نحن الآن ضباط وصف ضباط وجنود الجيش العربي السوري وشعبنا الصامد نعتز ونفتخر بتاريخنا المجيد ونرفع هاماتنا عالياً على حدود وطننا الكبير فرساناً وصقوراً ومغاوير، ورايتنا السورية وعيونها الخضراء خفاقة تعلن انتصارنا الأبدي خلف قائدنا المفدى بشار حافظ الأسد.. لا نخشى جيوشهم ولا مخططاتهم ولا مكائدهم.. أقسمنا بشرفنا.. بدمائنا ونعدكم بالنصر الأكيد.
أسقطت 7 طائرات للعدو
اللواء الطيار المتقاعد مجيد الزغبي قال: إن حرب تشرين التحريرية صفحة ناصعة من صفحات الوطن الناصعة، نفذها جيش أصيل أعد للدفاع عن قضايا الأمة العربية وضد أعدائها، وفيها سطر أبطال سورية من أبناء جيشها ملاحم بطولية خالدة في البر والبحر والجو، ولقد كان لي شرف المشاركة والقتال مع نسور الجو الذين أثبتوا مقدرتهم القتالية وتحديهم لطائرات العدو الحديثة.
تفاصيل ولحظات مشبعة بالعزة والكبرياء عاشها اللواء الطيار المتقاعد مجيد الزغبي وهو يستعيد بذاكرته مشاهد الحرب التي عاشها ورفاق السلاح أيام حرب تشرين، مشيراً إلى أنه كان خلال الحرب برتبة نقيب قائداً لتشكيل مقاتل مؤلف من ست طائرات ميغ 21، وقال: استطعنا تنفيذ جميع المهام القتالية بدءاً من ساعة الصفر حتى انتهاء الحرب، وأسقطنا 15 طائرة معادية، منها 7 طائرات أسقطتها بمفردي، وذلك خلال أيام المعركة، منها طائرتان تحملان حكاية سابقة أذكرها ما دمت حياً، فالطائرة الأولى والتي دخلت المعركة معها كانت من نوع “الفانتوم” إذ كان هذا الطيار على ارتفاع 3000 قدم، وقد تابعنا التحليق حتى ارتفاع 7 كم في الجو، وبذلك أصبحت السرعة في حدود الانهيار، فما كان من الفانتوم إلا أن انهارت باتجاه الأرض وقد تابعت الطيران خلفها لتحقيق فرصة التسديد عليها، فقمت بإطلاق المدفع وتم إسقاطها.
أما الثانية فهي أنه أثناء تنفيذ طلعة جوية انطفأ المحرك في الجو وكان من الممكن إعادة تشغيله بعد القيام بعدة محاولات وعندها تلقيت هجوماً من طائرتي “فانتوم”، فدخلت باشتباك مع إحداهما، وتابع قائد فوج الفانتوم هجومه علي وتمكن من إصابة طائرتي، وفي تلك اللحظة قررت الخروج من الاشتباك باتجاه الأعلى، وعندما رأيت أن محرك طائرتي بدأ يعمل رأيت الطائرة التي أصابتني على بعد 500 متر، عندها قررت متابعة القتال معها وتمكنت من الرمي عليها ومن ثم إسقاطها.
اللواء الزغبي يقول هذه العبارات وهو يشعر بنشوة كأنه يقود طائرته اليوم، ويضيف “حصل ثلاثة طيارين من التشكيل على وسام بطل الجمهورية وتمت تسمية التشكيل في الجو باسمي بعد تمكني من إسقاط 6 طائرات (فانتوم) وطائرة ميراج”.
حماة الديار عليكم سلام
العميد الركن الطيار المتقاعد كمال عربي قال: منذ تعلمنا نطق الحروف حفظنا نشيد الوطن “حماة الديار عليكم سلام”، وحلمنا باليوم الذي تتحرر فيه كل أجزاء الوطن العربي السليبة، وعاش الحلم معنا..
وفي حرب تشرين كنت طيار ميغ 21 مقاتل من قاعدة ضمير العسكرية السرب الليلي برتبة ملازم أول، وفي تلك الفترة كان البلد يعيش فترة الإعداد للحرب، وتم تدريبنا على أصعب المواقف وأقربها من الواقع، وبدأنا ننتظر ساعة الصفر وعندما بدأت كانت الطلعة الأولى /التجميع الجوي/ الذي لم يشهد مثله التاريخ العربي، وكان قوامه أكثر من 400 طائرة قتالية، وأقلعت جميع الطائرات باتجاه أهدافها ووصلت إليها ودمرتها وعادت جميعها سالمة باستثناء طائرة واحدة للنقيب الطيار الشهيد الأول ذياب الحريري.
وتوالت الأيام والرجال يستعجلون التحرير، وينفذون أصعب المهام، وحصل العديد من الاشتباكات الجوية والطلعات القتالية التي قدم فيها الطيارون أروع الأمثلة في البطولة والإقدام.
ونوه عربي بأنه هنا لا بد من ذكر أمثلة عن بطولات الطيارين من دير الزور الرائد الطيار عدنان حاج خضر- طيار حوامة وقائد مجموعة إنزال- أصيب مباشرة في ساقيه، وتابع المهمة وهو يشجع رفاقه على المتابعة وتنفيذ المهام، وكانت طائرته تحترق ودماؤه تنزف، وقد تابع حتى الهدف ولم يستطع العودة فوقع أسيراً.. ومن السويداء النقيب الشهيد الطيار كمال نصر في طلعته الثالثة على مواقع العدو /مقر القيادة/ أصيبت طائرته أثناء الهجوم ولم يغادرها لأنه في أرض معادية.. ومن الزبداني الملازم أول بسام حامد كان يقضي نقاهة لأن ساقه مكسورة وعندما قامت الحرب شاهده رفاقه وقد كسر الجبس عن ساقه والتحق بالمطار، ونفذ طلعاته في نفس اليوم.
وختم عربي قائلاً: كلما جاءت ذكرى حرب تشرين أشعر بالنشوة والروح العالية، وأن الأمة تستطيع أن تحقق المستحيل إذا توحدت كلمتها وتوحد هدفها، خاصة في هذه الأوقات العصيبة التي يمارس فيها العدو الصهيوني أبشع الجرائم ضد شعبنا الأبي في فلسطين ولبنان.
أحفاد تشرين انتصروا على الإرهاب
طرودي دواره- موظف متقاعد، وصف لحظات قيام حرب تشرين التحريرية عندما تحلق ومجموعة من رفاقه حول المذياع يستمعون إلى البيان الأول الصادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة- من إذاعة دمشق- يعلن نبأ تصدي بواسل جيشنا العربي السوري بكل صنوف الأسلحة في البر والبحر والجو للعدو الصهيوني، وينقل في الوقت نفسه الكلمة التاريخية للقائد المؤسس حافظ الأسد، وقال فيها “لسنا هواة قتل وتدمير، وإنما ندفع عن أنفسنا القتل والتدمير.. لسنا معتدين ولم نكن قط معتدين، ولكننا كنّا ولا نزال ندفع عن أنفسنا العدوان.. نحن لا نريد الموت لأحد، وإنما ندفع الموت عن شعبنا.. إننا نعشق الحرية ونريدها لنا ولغيرنا، وندافع اليوم كي ينعم شعبنا بالحرية.. نحن دعاة سلام ونعمل من أجل السلام لشعبنا ولكل شعوب العالم، وندافع اليوم من أجل أن نعيش بسلام”.
وأضاف: إن مسيرة أبطال حرب تشرين الذين حققوا الانتصار على العدو الصهيوني أحفادهم اليوم يحققون الانتصار تلو الانتصار على المجموعات الإرهابية المسلحة، وعلى كل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار الوطن، لافتاً إلى أن رجال الجيش العربي السوري كما صنعوا الانتصار في حرب تشرين التحريرية في 1973 وحطموا أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر انتصروا في حربهم على الإرهاب التكفيري وداعميه.
ثلاثية الصمود حققت النصر
جونا حمزة- من الإعلام الالكتروني، قالت: لقد كانت حرب تشرين التحريرية حرباً عربية بقرار عربي، وهذا ما أكده قائد حرب تشرين القائد المؤسس حافظ الأسد عندما قال: “إننا نحن الذين حاربنا في تشرين، ونحن الذين قررنا حرب تشرين، ونحن الذين استعدنا للعرب اعتبارهم، ونحن الذين حققنا العزة والمجد لكل مواطن عربي، وسورية التي خاضت حرب تشرين التحريرية وانتصرت بفعل تلاحم الشعب مع جيشه وقيادته، اليوم ستنتصر على أعدائها بوعي شعبها ووحدته الوطنية وتضحيات جيشنا الباسل ودماء الشهداء الزكية الذين بذلوا أرواحهم رخيصة من أجل عزة وكرامة الوطن وأمنه واستقراره”.