الثورة ـ ترجمة ختام أحمد:
كان رد “إسرائيل” على السابع من تشرين الأول 2023، إطلاق حملة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. وبدافع الانتقام والرغبة في إراقة الدماء، كانت الحملة مصممة ليس فقط للقتل والتدمير على نطاق واسع، بل ولجعل قطاع غزة غير صالح للسكن البشري.
وكانت الإبادة الجماعية هي الثمن الذي كان رعاة “إسرائيل” الغربيون على استعداد لدفعه مقابل جعل قطاع غزة عبرة، وبالتالي إعادة تأسيس قوتها الرادعة المحطمة.
ولضمان قدرة “إسرائيل” على شن عملياتها العسكرية في قطاع غزة دون عقاب والهروب من أي مساءلة عن أفعالها، أقدم رعاتها وحلفاؤها الغربيون، بقيادة الولايات المتحدة، على تمزيق قواعد القانون الدولي والمعايير والقيم التي تدعمه عن طيب خاطر.
فكل محاولة إسرائيلية متعاقبة لمحو خط أحمر آخر ــ قصف وتدمير المستشفيات والمدارس ومراكز اللاجئين، وتحويل أجهزة الاتصالات دون تمييز إلى قنابل يدوية، وقتل وجرح المئات لإنقاذ أربعة أسرى ــ تم تبريرها باعتبارها عملاً مشروعاً للدفاع عن النفس. وفي هذه العملية، تحول العالم إلى مكان أكثر خطورة بالنسبة لنا جميعاً على مذبح الإفلات الإسرائيلي من العقاب.
لقد فشلت “إسرائيل” طيلة القسم الأعظم من العام الماضي ليس فقط في تحقيق أي إنجاز ذي أهمية عسكرية في قطاع غزة، بل إنها فشلت أيضاً في صياغة استراتيجية واضحة. والواقع أن شعارات مثل ” النصر الكامل ” وعقدة تشرشل لا تشكل بديلاً عن الرؤية السياسية.
كانت الإبادة الجماعية هي الثمن الذي كان رعاة “إسرائيل” الغربيون على استعداد لدفعه مقابل أن تجعل “إسرائيل” من قطاع غزة عبرة للآخرين وتعيد تأسيس قوتها الرادعة المحطمة.
ولكن يبدو أن هذا الوضع بدأ يتغير الآن. فقد منح اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ومعه تقريباً كل القيادة العسكرية للحركة، الثقة لإسرائيل في قدرتها على تفكيك التحالف المعروف باسم محور المقاومة.
وتتمثل مبادرتها الرئيسية في هذا الصدد في غزو لبنان الجاري حالياً، والذي يتم فيه تجاوز كل الخطوط الحمر التي انتهكت في غزة مرة أخرى، دون أن يصدر أي صوت من العواصم التي اعتادت أن تعظ المنافسين والأعداء وغيرهم من الكائنات الأقل شأناً بقدسية حكم القانون وحقوق الإنسان ومبادئ مماثلة.
وكما كان واضحاً منذ البداية، فإن الهدف النهائي لإسرائيل هو تغيير النظام في إيران، ويبدو أن “إسرائيل” مقتنعة بأن الطريق إلى طهران يمر عبر الضاحية الجنوبية لبيروت.
تتطلب أجندة “إسرائيل” منها هندسة مواجهة عسكرية مباشرة بين واشنطن وطهران، وربما وجدت في الرئيس الأمريكي جو بايدن المرشح الذي أفلت منها حتى الآن. ومع ذلك، أثبت لبنان مراراً وتكراراً أنه مقبرة لإسرائيل والغطرسة الأمريكية.
سواء في عام 1982، عندما أرست عملية أرييل شارون الكبرى الأساس لظهور حزب الله، أو في عام 2006، عندما تبين أن “آلام ولادة الشرق الأوسط الجديد” التي تحدثت عنها كونداليزا رايس كانت مجرد إجهاض.
سوف تحدد الأسابيع المقبلة ما إذا كانت “إسرائيل” قادرة على استئناف حل القضية الفلسطينية من جانب واحد بشروطها الخاصة، وبالتالي تحديد مصير الشعب الفلسطيني، أو ما إذا كان السابع من تشرين الأول سوف يُسجَّل في التاريخ باعتباره اللحظة التي بدأ فيها المشروع الصهيوني في فلسطين بالتفكك.
المصدر – ميدل ايست آي