الثورة _ ديب علي حسن:
إنها الحرب موت وقتل ودمار بغض النظر عما نسميها هجينة أم تقليدية ام ثمة أسماء جديدة ستكون يوماً ما .وربما يصح القول العربي (من لم يمت بالسيف مات بغيره ..تعددت الأسباب والموت واحد).
نعم الحرب موت ودمار ولا اسم يليق بها .من الملاحظ أن الكثير من الدراسات الغربية التي تصدر تحاول النيل من الدول الأخرى ولاسيما الاتحاد الروسي. في الكتاب المهم الذي صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب وحمل عنوان؛ الهيمنة والنظام العالمي .. إعادة تصور القوة في السياسة العالمية.تأليف مجموعة باحثين.وترجمة حسام الدين خضور يقف الباحثون عند مفهوم الحرب الهجينة، ويرون أنه تغيرت أنماط القوى الفاعل المشاركة بالحرب الهجينة في العقود القليلة الماضية.
وصفت الحرب الهجينة كما جرى تصورها في تسعينيات القرن العشرين وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بأنها نشاط تنفذه قوى فاعلة غير حكومية، وصف الباحثون الصراع الشيشاني ضد روسيا بأنه هجين على سبيل المثال لأن الشيشانيين استخدموا، إضافة إلى تكتيكات حرب العصابات السائدة، تكنولوجيا الاتصالات العسكرية الحديثة والعمليات العسكرية المنسقة الكبيرة التي ترتبط عادة بالحرب التي تشنها الدول.
وبالمثل وصف باحثون خلال الحرب الإسرائيلية ضد لبنان عام ٢٠٠٦ وبعدها حزب الله بأنه شن حرباً هجينة لانها جمعت بين نشاط حرب العصابات والحرب الإلكترونية باستخدام القدرات العسكرية عالية التقنية مثل الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية لإحباط الأهداف الإسرائيلية (هوفمان ٢٠٠٦_٣٧_٢٠٠٧).ولم تكن الحرب الهجينة مرتبطة بسلوك الدولة إلا بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم عام ٢٠١٤. حاول الناتو أن يثبت أن العمل الروسي في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا حرب هجينة فقال إن الطريقة الروسية كانت حرباً هجينة. ومنذ ذلك الحين ركز الباحثون وصانعو السياسات على الحرب الهجينة كنشاط تقوده الدولة يضم قوى فاعلة من خارج الدولة ومكونات أخرى.مع التغيير في الفاعل الأساسي حدث تغيير في الأهداف. تستهدف الحرب الهجينة التي تقودها الدولة وتلك التي لا تقودها الدولة القوات العسكرية للخصم والإسكان والمدنيين. ومع ذلك تختلف أهدافها تشن القوى الفاعل غير الحكومية حرباً هجينة من أجل أشياء مثل الانفصال أو منع قوى فاعلة من التدخل. في المقابل سيكون لدى ممثل الدولة أهدافها أكبر في النطاق الجغرافي أو ذات طبيعة استراتيجية، سواء شنت الحرب الهجينة قوة فاعلة غير حكومية أو دولة فإنها(الحرب الهجينة) تستهدف الجهات الحكومية.
يمكن أن يتناقض هذا مع مكافحة التمرد والحرب الأهلية، حيث تستهدف القوى الفاعل الحكومية وغير الحكومية على التوالي القوى الفاعلة غير الحكومية، اليوم غالباً ما يصف المراقبون والخبراء الحرب الهجينة أنها توجد في المنطقة الرمادية بين السلام والحرب لأن الدول تسعى إلى تنفيذ أهدافها من دون أن تتجاوز العتبة إلى شن حرب تقليدية نظراً لأن المثير التقليدي للحرب التقليدية هو العدوان العسكري الصريح فإن الدول التي تشن حرباً هجينة تتابع أنشطة قابلة لعدم الكشف أو عدم الإسناد أو الإنكار المعقول للمسؤولية أو (تنكر المشاركة) (باخمان وغونريوسون ٢٠١٥_٢٠٢).الحرب الهجينة أبعد ما تكون عن الإعلان الرسمي للحرب أو البيان الصريح باستخدام وشيك أو قائم للقوة العسكرية كما يمكن أن يحصل الصراع. يمكن أن تشمل قتالاً فعلياً محدوداً جداً يعرف بأنه (صراع عنيف) (كوبر وشيرر ٢٠١٧ _٣٠٧) أو حتى من دون قتال البتة.الفكرة هي خلق قدر كاف من الغموض في ذهن خصم الدولة لإحباط أي رد عسكري تقليدي.
إن أولئك الذين يشنون حرباً هجينة يمارسون (لعبة طويلة) في البحث بلا رادار الحرب التقليدية المفتوحة عن نجاحات تكتيكية تراكمية تضاف في نهاية المطاف إلى حالة تمارس فيها الدولة تأثيراً متزايداً على دولة واحدة أو اكثر ومن ثم تحقيق الهيمنة.
إن أهمية عدم الإسناد لإبقاء التوترات ما دون عتبة استخدام القوة توجهنا إلى الدور المركزي الذي يمكن أن تلعبه الحرب الإلكترونية في حرب هجينة. اعتماداً على مهارة الجاني يمكن أن يكون صعباً جداً تحديد من أو الكيان الذي يشن هجوماً إلكترونياً، ومن ثم فإن الهجوم السيبراني قابل بشكل خاص للتعتيم على الفاعل.بالنسبة لبعضهم ان التحديات المرتبطة بتحديد الجناة في الفضاء الإلكتروني تعني أن (الفضاء الإلكتروني سيكون مسرح الحرب الهجينة المستقبلية) (سالمان ٢٠١٦_٢٠١٧_١٤٥).
على الرغم من أنه كان يعتقد في وقت من الأوقات أن المجال السيبراني يمكن أن يؤدي إلى تكافؤ الفرص بين القوى الحكومية والقوى الفاعلة غير الحكومية مثل الإرهابيين إلا أن الدول في الواقع هي التي أثبتت أنها أقوى المحاربين السيبرانيين بسبب الموارد الكبيرة التي تستطيع أن تخصصها لتنمية قدراتها.بغض النظر عما في الكتاب من محاولات تبرئة ساحة الغرب من وسائل الموت فإن الكتاب مهم وضروري في هذه المرحلة العاصفة من تاريخ العالم.