الثورة _ هفاف ميهوب:
أن يتمّ اختيار فيلم «الطريق» للمخرج السينمائي الراحل «عبد اللطيف عبد الحميد»، كأوّل فعالية سينمائية تُعرض على هامش معرض الكتاب السوري» المقام في مكتبة الأسد الوطنية..
معناه أن القائمين على هذا المعرض، أرادوا إلقاء باقاتٍ من الورودِ، تحية لروحِ هذا المخرج الكبير، مثلما تقديم رسالة محبّة تذكّر بأعماله، وتؤكّد أنه باقٍ في ذاكرة ووجدانِ جمهوره، مثلما في ذاكرةِ الفنِّ والإنسانية..
هذا ما شعرت به وذكّرني، بقول «عبد الحميد» ذات حوارٍ معه: «لا قيمة لألفِ جائزة، إن عجزتَ عن كسبِ قلوب مشاهديك»..
نعم، هذا ما قاله وهذا ما حصل، فرغم الجوائز العديدة التي حصدتها أفلامه، ورغم نيلِ هذا الفيلم جائزة أفضل ممثّل، وجائزة أفضل سيناريو، في مهرجان قرطاج السينمائي، إلا أن أكبر جائزة استحقّها ونالها فعلاً، كانت محبّة المشاهد له، ومتابعته لكلّ أعماله.لقد كان «الطريق» آخر هذه الأعمال، وقد شاركه في كتابته، الشاعر الذي رحل أيضاً، «عادل محمود»..
معاً رحلا، وبقي «الطريق» الذي يعبقُ بآثارهما. يحكي الفيلم قصة بسيطة، هي قصّة طفل توفيت والدته وتزوّج والده، فقرّر العيش مع جدّه الأستاذ المتقاعد..
يلعب دور الجدّ، بطل العمل الذي حصل على جائزة أفضل ممثل عن دوره هذا.
الفنان والمعلّق الصوتي «موفق الأحمد»، المتمرّس في عشق لغته العربية.
يبدأ الفيلم، بوصول رسالة إلى الجدّ من إدارة مدرسة حفيده، تخبره بأنها طردته بسبب غبائه..
يتبنّى الجدّ هنا حكاية «أديسون» فيخبر حفيده أن سبب طرده، عدم تمكن المدرسة من تلبية ما يماشي ذكاءه وعبقريته، ويتعهّد بينه وبين نفسه، بأن يجعل منه عبقرياً بالفعل.
أمّا ما فعله، فتحويل الطفلِ من راصدٍ، يجلسُ أمام منزله، وقبالة الطريق الذي يدوّن ما يلاحظه يومياً من أحداثٍ وصورٍ تتوالى عليه، إلى طبيبٍ يدرس في الخارج، ليعود بعد انتهائه إلى قريته، فيدشّن فيها مشروعه الطبي، ويجتمع بحبيبة طفولته.
باختصار: الفيلم رسالة إنسانية أراد «عبد الحميد» القول من خلالها: لاشيء صعب على الإنسان، فلقد مُنح من الإرادة ما يمكّنه من إخضاع الحياة بإصراره ومثابرته، ومن تحويلِ كلّ فشلٍ فيها، إلى نجاحٍ يميّزه.