ثورة أون لاين: يتضمن كتاب "الشعر المحكي في الشام زمن الاستعمار الفرنسي" للباحث جورج عيسى مجموعة من الرؤى الشعرية التي اتكأت على التراث الشعبي والمؤثرات الاجتماعية ضمن دمشق في زمن وقوع سورية تحت نير الاستعمار الفرنسي بعيدا عن الوزن الشعري واللغة الفصحى.
ويعرف الباحث الشعر المحكي بإنه النظم باللهجة العامية الموجودة في البيئة ويمكن ان نلحق به النظم الفني الذي دخله اللحن فجاء بين العامية والفصحى وهذا يسمى الشعر الملحون مبيناً أن مجمل ما أتى به هذا الشعر يعبر عن الوجدان الجماعي للشعب ويعكس روح الغالبية منه في مشاعرها وحياتها واحوالها الاجتماعية وتطلعاتها واحلامها.
وتحدث الباحث عن الأوضاع الاجتماعية والعلاقات التي كانت تنشأ في فترة الانتداب راصداً المظاهر والانطباعات عبر مجموعة من النصوص التي تمثل هذه الحالات الاجتماعية معتمدا على الترتيب الزمني وما يتوافق معه من مواضيع على سبيل المثال ظاهرة التخلف الاجتماعي المتمثلة في الامية المنتشرة في جميع قطاعات المجتمع اضافة الى التكاسل والاتكالية وهذا ما عبر عنه الشاعر فخري البارودي في قصيدته بعنوان العمل والاعتماد على النفس التي قال فيها: ما حاجتنا هل الجمود.. ما بدكم تحطوله حدود.. جرح الأمة امتلأ دود.. والمرض أصبح قتال.
وبين عيسى أثر المخططات والمواقف السياسية على الشعر المحكي من خلال مؤثرات سايس بيكو وما حصل على الأراضي السورية من مخلفات الاستعمار الفرنسي ورصد المتغيرات السياسية وطرائق تعامل الحكام في تلك الفترة الزمنية التي عرفت بكثرة تناقضاتها.
وأوضح الباحث الطرائق التي استخدمها غورو في ربط الحكام وخص دمشق مشيرا الى أن حقي العظم كان حاكما على سورية وممثلا بحكم الاستعمار فانعكست هذه المواقف على الشعر الشعبي يقول الشاعر علي دياب: بأي عين عمال تطالبونا.. بلوا انطاكية واسكندرونة كل هل الفظايع هلي عملتوها.. لوسط بلادنا جيتو تحاشرونا.
ويظهر في مضامين القصائد ان الباحث استخلص كثيرا من الأحوال الاقتصادية والزراعية وما تحمله من قضايا وانعكاسات تدل على مدى التاثر الاجتماعي بظواهر الحاجة والفقر التي عمل الاستعمار على رفضها حتى وجد ذلك في تعابير الشعر المحكي يقول الشاعر محي الدين بدوي: ياوزير الزراعة.. اشملنا بعطفك شوية أنت رجل الساعة.. وهل الوزارة شعبية.
والشعر المحكي الذي يرصده هذا الكتاب يتناول حالات اجتماعية وذاتية لا ترقى الى مستوى الشعر واللغة والفن فهي تعبر عن قضايا تعتبر ردة فعل عن القهر والخنوع والألم وبالتالي يفترض أن تكون الحالات متشابهة لاسيما أن الاستعمار تسلط على رقاب جميع الناس فأتت باتجاه عاطفي واحد كأن لسان حال المرحلة لا أكثر ولا أقل.
المصدر: سانا