تتحول يوماً بعد يوم بعض الظواهر الخدمية الحيوية إلى أمور طبيعية بنظر المواطن.. نتيجة للفشل الحاصل في أداء معظم الوحدات الإدارية بمهامها الأساسية منذ فترة طويلة.
إن عدم قدرة الوحدات الإدارية تلك على توفير السيولة المالية ..وخلق فرص استثمارية وفقاً للقوانين والأنظمة التي تحكم عملها.. جعلها عاجزة عن القيام بالمطلوب منها وجعل المواطن يرى ما هو غير طبيعي.. طبيعياً.
فمن غير الطبيعي أن يعتاد المواطن على منظر القمامة وهي تحتل أطراف الطرقات.. ومجاري المياه.. والساحات العامة!!. لكن أمام عجز البلديات على ترحيل القمامة يتحول المشهد إلى الطبيعي!!
وكذلك الأمر بالنسبة للحفر التي تكتسح الطرقات.. التي أصبحت هي الأخرى بدورها طبيعية.. طالما استمرت حالة الترهل الخدمي.
لقد تحول تردي الواقع الخدمي في معظم الأرياف ..وفي بعض الأحياء والمدن من ظاهرة خطرة.. إلى مشهد طبيعي .. لدرجة أن تغيره إلى الأفضل بات هو الشيء غير الطبيعي بنظر عموم المواطنين.
بلديات غير قادرة على إصلاح آليات نقل القمامة لديها هو الآخر بات طبيعياً.. وبلديات تعجز عن ردم حفرة في طريق طبيعياً!!. ترى هل سنعتاد على ذلك ؟؟
في اللاذقية هناك أكثر من ١٠٠ بلدية غير قادرة على ترحيل القمامة الى المكب المخصص.. بلديات الأرياف لا تتمكن من جباية ما يكفي لدفع رواتب العاملين فيها .. و هي مطالبة بتوفير الخدمات للمواطنين في حدودها الإدارية .. لتكون النتيجة تفاقم الأزمة في الخدمات.. بلديات تعتاش على المعونات من وزارة الإدارة المحلية في قرى وبلدات فقيرة في الاستثمارات كيف لها أن تقدم الخدمات!!
على ما يبدو دخلنا في مرحلة عصر كل شيء طبيعي .. مهما كان.. و يجب أن نعتاد عليه. حتى بات أيضاً من الطبيعي أن لا تتحرك الجهات المعنية الى معالجة هذه الظاهرة.. و من الطبيعي أن تهدد الصحة العامة و البيئة!!
و نختم بالقول إن إصلاح آليات نقل القمامة.. و صيانة الطرقات .. أبسط الخدمات المطلوبة في كل الظروف.. و يجب على الجهات المعنية التحرك السريع للمعالجة و الانتقال إلى الوضع الطبيعي من خلال تمكين الوحدات الإدارية من القيام بأبسط مهامها و أخطرها.. لان عدم توفر الاعتمادات المالية سيبقي الوضع على ما هو عليه.