الثورة – علاء الدين محمد:
عندما تقف أمام اللوحة تشعر أن هناك علاقة إلفة، معرفة، وشائج قوية تربطك مع شخوصها.. تشعر أنهم عاشوا معك عانوا كما عانيت، فاللوحة تسجل وتوثق لحظه أو محطة تاريخية هامة في مصير شعب ما، بالتالي رغم الألم الموجود في العمل إلا أنها جميلة التكوين والبناء تشعر المتلقي بالمتعة البصرية الفائقة.
على هامش المعرض التشكيلي الذي أقيم في الصالة الدمشقية بحي التجارة بدمشق كانت لنا وقفة مع الفنان التشكيلي إسماعيل نصره.
ـ ماذا عن صياغة اللوحة وبنائها والهاجس المرافق لذلك؟
لدي هاجس يومي لبناء لوحة من حيث الفكرة والتقنيات، لكن تركيزي الأكبر ألا أقع في مطب اسمه التكرار، هناك بحث في الأعماق كيف أقدم وأعمل شيئاً جديداً، فاللوحة مسؤولية، وكوني أعيش في بلد يمر بظروف قاسية ومؤلمة، أغلب أعمالي متأثرة بهذا الجو، ولا أستطيع أن أخرج من هذا الإطار بسهولة، لذلك أغلب لوحاتي ذات بعد وجداني إنساني يخص معاناتنا.
هذا الجانب الفكري في اللوحة لكن الجانب التقني والجمالي في اللوحة أعمل عليه بأسلوب من اللطف كي يصل إلى المتلقي رغم قساوة المشهد في اللوحة من حيث الخط اللون (رمزية اللون) فأنا أشتغل على رمزية اللون كثيراً، وأحس أن الموضوع لدي سهل ممتنع بسيط يصل إلى المتلقي بسرعة، وأشعر أن الرسالة وصلت، وهذا الأهم.
ـ هل بناء وتكوين اللوحة يحتاج جهداً ووقتاً ومخاضاً صعباً عند الفنان؟
نعم إنه يأخذ وقتاً وجهداً، أنا آخذ سطح اللوحة الأبيض مثلاً كيف أؤسس اللوحة بشكل يخدم الفكرة وأستخدم مواد مختلفة على سطح اللوحة الخام بما يخدم الفكرة، أحياناً أستخدم الكولاج قصاصات مجلات جرائد القماش العتيق، وهذا التأثير البصري على سطح اللوحة يعطي غنى بصرياً جميلاً جداً وبنفس الوقت يؤثر ويخدم الموضوع والفكرة التي أريد أن أرسم وفقها، وأحياناً أشتغل على سطح أبيض بشفافيات يوصلني إلى عالم آخر في اللوحة.
ـ كيف ترى دور الفنان في الأزمات والحروب؟
الفنان هو من الناس الطليعيين في المجتمع ويكاد يكون من قادة الرأي في المجتمع قادة رأي جمالي على الأقل، ولكن بالتأكيد لا يستطيع الانفصال عن الواقع، أي لا يستطيع الفنان وأنا أنطلق من نفسي أن أعمل على موضوع وكأنني أعيش في بلد ٱخر لا يمت لأحداث البلد التي أعيش فيها بصلة ومختلف عنها كلياً بالأحداث والثقافة والظروف، فالموضوع حتماً سيكون يلامسني ويلامس الوضع الذي أعيش فيه يؤدي إلى أن أي شخص يرى أعمالي يعلم أنني أعيش في بلد له ظروف معينة، وأغلب لوحاتي تعالج هذا الموضوع أصلاً، وأقول إن وظيفة الفنان هي كتابة وتوثيق فترة زمنية مر فيها بلده.
وماذا عن الثقافة البصرية في مجتمعنا؟
إنها ضعيفة نسبياً، ونرى ذلك من خلال رواد المعارض فعدد قليل من معارف الفنان أو المثقفين يرتادون المعارض وهذا على الأغلب يعود لظروف أو لتهميش مادة الفنون البصرية منذ الصغر أو عدم إيلائها أو زرعها في الطفل والاهتمام بها أكثر والشرح عن أهمية الفن وزيارة المتاحف وما إلى هنالك، فنحن الفنانون لا نرسم لأنفسنا، بل نتمنى أن تصل اللوحة لأكبر شريحة ممكنة فالفن ينقي النفس ويهذب المجتمع ويزين شوارعنا ويجعلها مرتبة ونظيفة.
ـ ما علاقه الخط واللون بالحاله النفسيه للفنان؟
هي تعود لكل فنان على حدة، ولكن هناك من يستطيع فهم حساسية الخط ووضوحه في اللوحة، وكيف يؤكد على موضوع معين، واللون أيضاً يجب أن يكون له رمزيته في اللوحة، أي لا يوجد أي لون يوضع اعتباطاً، ويجب أن تكون الألوان منسجمة ومتجاورة أي لها رمزية في اللوحة ولا توضع بشكل مجاني.
فاللوحة في أساسها اعتمادها على الخط والتكوين واللون بالنهاية يجب أن تكون اللوحة جميلة، كما أن الفنان يحب أحياناً أن يخرج أيضاً عن الحالة التي يمر بها مجتمعه أو بلده، فيذهب إلى حالة افتراضية حالمة خارج الكوكب مثلاً، أو الطبيعة الحلم كهروب للفنان من هذا العالم أو أمنية له في تحقيق هذا العالم الافتراضي الجميل.