الثورة – رفاه الدروبي:
بدأت الكاتبة هدى إبراهيم أمون ومضة قلمها بسرِّيَّة الخطوط والمعاني في مرحلتي الطفولة والمراهقة، وكان البيت التربة الأولى.. تسقي غرسها عائلة تحترم الكتاب والكتَّاب كون القراءة هواية جميع أفرادها فشُغلت بالبشر والشجر وسحر الطبيعة المُتميِّزة في سورية، وراحت مخيلتها تتصوَّر قصصاً تشبه الأفكار فتحلم بتحقيقها في حياتها، وتخطُّها على دفترها الخاص ثمَّ تُخفيه عن الجميع، لكنَّ أختها الكبرى كانت تختلس النظر فتقرأ قصص طفولتها السرية، حتى وصفت مُدرِّسة اللغة العربية موضوعاتها التعبيرية في المراحل التعليمية اللاحقة بأنَّها تشبه القصص، إذ ترحل بمن يُصغي إلى عالمها، فاستحقَّت أعلى العلامات، ثم غذَّت موهبتها بقراءة القرآن الكريم كونه المرجع الأساس للغة العربية، إضافة إلى كتب عربية وأجنبية.
أعمالها
الكاتبة هدى توجَّهت في المرحلة الجامعية لدراسة الترجمة الإنكليزية في جامعة حمص، ودعمتها بدراسة السيناريو والحوار التلفزيوني والسينمائي فكانت نتيجتها كتابة فيلم روائي بعنوان: “جولان”، وأتبعتها بلوحات تمثيلية كوميدية تلفزيونية لمسلسل: “أوعى تضحك”. أمَّا أولى ومضاتها فكانت قصصاً قصيرة جداً عنوانها: “باقة ورد في عيد الحب” الصادرة عن دار التوحيدي للنشر عام 2007، وأخرى “أنا وأنت والمجهول” عام 2011 عن دار الإرشاد للنشر بحمص، ومجموعة قصصية بعنوان:”أحبّك” عام 2014 في طرطوس، كما شاركت مع رابطة القصة القصيرة جداً في سورية بمجموعة ضمَّتها في كتاب: “أشرعة من ضياء”.
لم يقتصر نشر أعمالها في بلدها الأم سورية؛ بل توجَّهت أنظارها إلى أرض الكنانة ليصدر لها روايات عديدة منها: “ليل شكسبيري” عام ٢٠٢٠، “سيمفونيّة عبّاد الشمس” عام ٢٠٢٢، “كارمالوڤ”، وقصص قصيرة جداً عنوانها: “لقاء” كانت عبارة عن كتاب إلكتروني عام ٢٠١٨، ومجموعة قصص قصيرة جداً عنوانها: “ترانيم القصص5″، ومجموعة أخرى: موسوعة “صليل الحروف” الصادرة عن دار ديوان العرب بمصر الإصدار الأول، إضافة إلى مجموعة نثرية في الإصدار الثاني لنفس العنوان، ومشاركتها بكتب ورقيَّة عديدة.
ثم صدر لها كتاب إلكتروني في نادي الهايكو العربي في الأردن مجموعة شعرية بعنوان: “همسات المطر”، وأتبعتها بقصص قصيرة جداً في إصدار ورقي مع منتدى الجياد بعنوان: “عربيَّة الهوى”، وسلسلة: “أسماء لامعة في سماء المدينة” في العراق يتضمَّن سيرة حياتها الأدبيَّة الممتدَّة من بدايات القرن الحالي عندما بدأت بنشر كتاباتها في الصحف، ومجموعة من أعمالها ولوحاتها الفنيَّة والقصص القصيرة جداً منها: “حلقات متلظِّية”، إضافة إلى مشاركتها في كتاب “عطر السرد” في العراق.
الحرب
رأت الكاتبة أمون أنَّ سنوات الحرب العجاف كان لها أثرها على المجتمع بما حملته من ويلات كفقدان الأحبَّة، وفقر مادي وأخلاقي وحضاري، إذ أصبح الفرد في حالة من التشتُّت حالماً بالسفر للبحث عن الموطن والرزق والأمان فغدت منبتاً لاستقصاء رموز رواياتها، وعمدت لإضافة شيءٍ من خيالها وثقافتها وتاريخ سورية والميثولوجيا القديمة، وضغوط حاضر مُتجبِّر يُحَفِّز ملكة البحث عن الحل.
المرأة
جعلت الحرب المرأة قوية أمام تحدياتها ومواجعها، باعتبارها تحلَّت بخصال عكستها في روايتها: “ليل شكسبيري” فلم تستسلم (زينة) للكآبة؛ بل تأقلمت مع وضع فقدانها للزوج الحبيب، وتابعت حياتها مخلصةً لحبِّه وكأنَّه لم يزل يعيش معها، واستمرَّت بقوَّتها رغم شعورها بالألم الموجع، راصدةً في رواياتها حالة إنسانية تضيء على مشكلة نفسيَّة موجودة في الواقع الاجتماعي، وتقضُّ مضاجع العديد من الناس فكانت شخصياتها الروائية ليست بسيطة لأنَّها تحمل همَّاً مُكثَّفاً وألماً دفيناً ورمزاً معنويَّاً؛ بل شخصيات مُركَّبة مُعقَّدة تُحرِّك وتُطوِّر أحداث الرواية وفق صراع داخلي عانت منه بعض الشخصيات في مضمون أعمالها كانت نتيجة ظروف حياتيَّة قاسية تركت آثاراً نفسية غائرة في الأعماق، حيث تبحث الشخصيَّة المتأزمة نفسيَّاً عن آليَّة دفاعيَّة تُمكِّنها من البقاء والشعور بالأمان، وتتجلى تلك الآليَّة الدفاعيَّة بارتكاب جريمة.
الهدف
المقولة الأساسية في رواياتي وقصصي: مَنْ يزرع المحبَّة والمعاملة الإنسانيَّة اللطيفة مع أفراد أسرته ومجتمعه، سيجنيها كما زرعها خيراً ومحبَّةً؛ ومَن يتسلَّط ويسعى لتحطيم شخصيات أفراد أسرته ومجتمعه سيتحطَّم هو.. والهدف المرجو أن يصل الفكر الإنساني إلى أذهان الناس جميعاً كي ينهض مجتمعنا من الواقع المحبط إلى الألفة والتعاون وإعادة البناء.
#صحيفة_الثورة