انهضي أمي وأكملي كسرة الخبز

ديب علي حسن:

ما أكتبه ليس من باب العنتريات أو الخيال أبداً، إنما هو حقيقة جرت معي منذ عامين تقريباً.
قررنا أن نقضي عدة أيام في القرية أنا والأحفاد..


لن أتحدث عن معاناة الطريق وكم قضينا من الوقت حتى وصلنا القرية.
مع أننا في آخر زيارة دفعنا من مدينة جبلة إلى القرية ٢٥٠ ألف ليرة، والأمر يفترض أن يكون بحدود ٢٠ ألفا في الحد الأعلى.
المهم.. في القرية مع اختراع باب الظلم والطغاة ما أسموه البطاقة الذكية، بقينا يومين نقاسم الأقرباء رغيف خبزهم، حتى استطعنا أن ننقل مخصصات البطاقة إلى فرن قريب.. ومع ذلك فالحاجة بقيت لرغيف الخبز كبيرة.
الوقت قطاف زيتون وعمل ومضطر أن يساعدك عمال لابد لهم من وجبة واحدة على الأقل.
في قريتنا وكل القرى السورية كنت وأنت تمشي في الأزقة تعطرك رائحة الخبز الطازج.. نساء على التنور يصنعن خبزا منذورا ليس للبيت وحده إنما لكل عابر..
قبل أن تصل بمتر تهيئ لك رغيف خبز وليس لك فكاك من الأمر.
كروم على دروب
كانت أمي وكل الأمهات يتفقدن (الميزر) فإذا فيه عشرون خبزة يشمرن للعجين، واستعداداً للخبز.
وعادة ما يكون في الصباح الباكر أو عند المغرب.
أما النهار فهو منذور للعمل، وإذا اضطررت للخبز فيمكن الاستعارة من الجيران.
وكم كتبنا ماذا لو أن الحكومات الظالمة عملت بعقلية الأمهات
ماذا لو أدارت مقدراتنا كما كانت تفعل الأمهات؟
نسيت أن أقول لكم: حتى عام ١٩٨٦ كانت معظم القرى تؤمن الطحين من قمحها من زراعتها، صحيح أن الحيزات صغيرة لكن كانت تستثمر كاملة.


هل كنت تجد من يشتري لبناً أو حليباً؟
من ليس عنده بقرة كان يقول: والله لدي من خير الجيران أكثر مما لديهم هم..
ولكن الذي حدث بخبث ودهاء تم تحويل الريف المنتج إلى مستهلك إلى تابع.
حتى الدروب إلى الأرض أمحت معالمها..
لهثنا وراء سراب حتى نبقى أسرى لقمة الخبز
قسمة خبز..
بالعودة إلى رغيف الخبز مع بطاقة الغباء كنا على مائدة الإفطار، وقد تدبرنا بعضاً من الأرغفة فلا ترف ولا هدر..
لاحظت أن أمي- رحمها الله، التي كانت توزع من خبزها على التنور أكثر مما أمامنا جميعاً، لاحظت وهي بنت التسعين لا تأكل إلا قليلاً..
وهي التي روت الأرض بعرقها وتعبها كما كل الأمهات..
تركت ما بقي من رغيفها وقالت: الحمد لله لقد شبعت.. يا بني أعط خبزتي لحفيدك..
نعم امرأة في التسعين وهي بنت الأرض والعمل لم تستطع أن تشبع..
اغرورقت عيناي بالدمع..
وكتبت حينها (دعوة على صفحتي وجهتها لرئيس حكومة القهر أن يزور الساحل) وقد تناقلت مواقع كثيرة الرسالة.
أعلم علم اليقين أنه لم ولن يفعل ولكن كان لابد من تسجيل موقف.
وكتبت في لبنان حيث لا متر يزرع قمحاً لم يعدوا الأرغفة على الناس.
وختمت بالقول: لا تلم الكافر في هذا الزمن الكافر.. فالجوع أبو الكفار.
أماه وقد رحلت قبل أن تكملي (قسمة خبز) انهضي انهضي.. الكرامة تعود وتسمو ولن نجوع ثانية فالخير وفير، لكن الجراد كان يأكل كل شيء.

#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
البنك المركزي.. توجه عربي ودولي لتطوير القطاع المصرفي موجة التهاب الكبد في سوريا.. قراءة هادئة في الأرقام والوقائع الميدانية تحويل رحلات جوية من دمشق إلى عمّان بسبب الضباب وزير الخارجية الإيطالي يدعو إلى مشاريع مشتركة مع السعودية في سوريا استكمالاً للمسار الدبلوماسي السوري الأميركي.. وفد من "الكونغرس" يزور دمشق استئناف الترانزيت عبر سوريا.. خطوة استراتيجية لتعافي الاقتصاد وتنشيط التجارة الإقليمية معركة التحرير في الاقتصاد.. من الاحتكار إلى الدولة الإنتاجية توقيت الزيارة الذي يتزامن مع عيد التحرير له رمزية...ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن في زيارة مرتقب... الاقتصاد الدائري.. مسار جديد لمواجهة التحديات البيئية والخدمية القطاع الصحي في حمص.. تقييمات ميدانية تكشف مزيجاً من التحسن والشكاوى اطلبوا الإعمار ولو في الصين! طلاب المهجر بين فرحة العودة وصعوبات الاندماج.. الفجوة اللغوية في صدارة التحديات لقاءات ندية في دوري المؤتمر كومباني وفابريغاس.. جيل مدربين شباب يصنع مستقبل الكرة الأوروبية الحياة تعود إلى ملاعبنا بعد منتصف الشهر القادم صوت النساء في مواجهة العنف الرقمي صورةٌ ثمنها مئات آلاف الشهداء المواطن يدفع الثمن واتحاد الحرفيين يعد بالإصلاح عندما تكون المنتخبات الوطنية وسيلة وليست غاية! أولى أمطار دمشق تكشف ضعف جاهزية شبكات التصريف