الثورة – ناصر منذر:
كشفت وكالة اسوشيتد برس نقلاً عن نائب وزير الهجرة والحماية الدولية في قبرص نيكولاس يوانديس، أنه بعد زوال النظام البائد، سحب أكثر من ألف مواطن سوري طلبات اللجوء في قبرص، وتراجعوا عن طلبات الحصول على حماية دولية لرغبتهم بالعودة إلى بلدهم. فيما عاد أكثر من 500 آخرين بالفعل إلى وطنهم.
ما أوردته الوكالة يعطي مدلولاً إضافياً على رغبة معظم المهجرين في العودة إلى سوريا الجديدة بشكل طوعي، لاسيما وأن الأسباب التي دفعتهم للتهجير القسري قد انتهت فور سقوط النظام البائد وانتصار الثورة، فلا وجود بعد اليوم للبراميل المتفجرة، ولا للقصف العشوائي على المنازل فوق رؤوس ساكنيها، ولا للتفجيرات التي استهدف خلالها النظام المخلوع الأماكن العامة والمشافي والجامعات، لإيهام الرأي العام المحلي والعالمي بوجود تنظيمات إرهابية يستوجب العمل على اجتثاثها، وبالتالي كسب الشرعية لأعماله الإجرامية.
والأهم من ذلك، أزيلت أسباب الخوف من الاعتقالات الجماعية على الحواجز التي أقامها النظام المخلوع في كل شارع، أو مفترق طرق، كما انتفت كل عوامل الترهيب التي منعت المواطنين من الإدلاء بآرائهم بكل حرية وشفافية، ولهذه الأسباب مجتمعة، شاهد العالم كله فرحة السوريين في دول المهجر، لحظة إسقاط النظام البائد، وعبروا بالرقص والأغاني والدبكات الشعبية عن سعادتهم بانتصار الثورة، وشوقهم للعودة إلى وطنهم، وأهلهم وأحبائهم.
اليوم معظم المهجرين يتطلعون للعودة الطوعية الآمنة، وكلهم أمل أن يساهموا بإعادة بناء الوطن من جديد، وأن يوظفوا ما اكتسبوه من خبرات وإمكانات مادية وعلمية ومهنية في سبيل النهوض ببلدهم، اقتصادياً وسياسياً ومعيشياً واجتماعياً.
وهنا لا بد من التأكيد على نقطة مهمة، وهي برسم الجهات الدولية، وتتمثل بضرورة رفع كامل العقوبات عن سوريا، لتسهيل عملية العودة الطوعية الآمنة، فالإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة لتخفيف تلك العقوبات، والتوجه الأوروبي لرفعها بشكل جزئي، لا تكفي، رغم أهميتها، فعودة كل اللاجئين تستوجب تضافر الجهود الدولية لتوفير سبل العودة بشكل طوعي، ورفع العقوبات بشكل كامل، عامل أساسي لتحقيق هذا الهدف.