خان أسعد باشا العظم.. أعظم خانات الشرق على طريق الحرير

الثورة – لينا اسماعيل:

تحتضن أسوار مدينة دمشق العراقة والتاريخ، جنوب شرق الجامع الأموي خان أسعد باشا العظم، الذي يعتبر أكبر محطة استراحة استراتيجية على طريق الحرير، وطريق قوافل الحج في الشام، وهو أعظم خانات الشرق قاطبة، والتي تم بناؤها في أرجاء السلطنة العثمانية.
ويقع خان أسعد باشا العظم وسط أوابد تاريخية نابضة بالحياة في منتصف سوق البزورية على يمين الداخل إلى السوق من جهة سوق مدحت باشا، يجاوره شمالاً حمام نور الدين زنكي الملقب بالشهيد، ودار القرآن والحديث التنكزية- مدرسة الكاملية، ومن الجنوب خان الرز الذي يفصله عنه جادة سوق الصقالين، كما يحيط به شرقاً زقاق السلمي والبيوت الدمشقية القديمة، وغرباً خان العمود، كما يطل من الجنوب على سوق الورق، ما جعله قبلة اقتصادية يتبادل فيه التجار القادمون إلى الشام بضائعهم الثمينة.

تسميته
ترجع أصل التسمية إلى والي الشام أسعد باشا العظم المنحدر من أصل عربي، والذي أراد بناء خان من أعظم الخانات في عصره وذلك إبان خلافة السلطان محمود الأول في العهد العثماني، وكان له ذلك، واستغرق بناؤه عاما ونيف من عام 1166 للهجرة الموافق 1751 للميلاد إلى عام 1167 هجري الموافق 1753 ميلادي، وقد حرص الوالي على استخدام مختلف الحجارة التي تتميز بها دمشق في بنائه ليصبح بحق أجمل خانات الشرق، وليحقق شهرة عظيمة ما زالت منتشرة في معظم أرجاء العالم حتى اليوم.
تحفة معمارية
وكان الرحالة وكل من زار دمشق يعرج إليه للاستمتاع بمشاهدة تلك التحفة المعمارية التي تجلت فيها مهارة الفن المعماري وخصوصيته الفريدة.
نذكر منهم الرحالة الشاعر الفرنسي (الفونس دو لامارتين) أحد زعماء المدرسة الرومنسية بفرنسا الذي زار دمشق عام 1833 ميلادي وذكر في كتابه (رحلة إلى الشرق) أن خان أسعد باشا من أجمل خانات الشرق وأن قبابه تذكره بعظمة وضخامة قبة القديس بولس في روما.
كما وصف الرحالة د. لورته في كتابه (سورية اليوم) عام 1830 “في السوق مخزن كبير يدعى خان أسعد باشا مبني بمداميك جميلة بيضاء وسوداء، القبة الواسعة المركزية التي تمثل المظهر الأكثر تجلياً محاطة بالأروقة، والباب المنحوت بالمقرنصات، زين على جوانبه بكوات لطيفة وهو النموذج الأكثر جمالا في العمارة العربية الدمشقية، هذا المبنى محاط بعدد لا يحصى من الممرات، وتقودنا الأدراج إلى المخازن، الغرف، غرف متراجعة مظلمة حيث تتكدس البضائع الثمينة، وحيث ينام المسافرون أنفسهم، نشم فيها روائح تفوق الوصف، مزيج غريب من عبير الزهور والمسك”.

وصفه
تقدر مساحة الخان بحوالى 2500 متر مربع، وهو ذو مسقط مربع الشكل يتألف من طابقين تتوزع غرفهما حول باحة مركزية ويتم الدخول إليه من بوابة ضخمة تطل على سوق البزورية . وقد تم تصميمها بفن معماري مميز لذلك تعتبر من أهم وأجمل وأضخم واجهات المباني الأثرية في سوريا.
ويعلو البوابة جزء من قوس دائرية تتصدرها دائرة صغيرة يقال إنه فيها ياقوتة ثمينة مفقودة حالياً، ثمنها يكفي لإعادة بناء الخان من جديد فيما لو تهدم، وفوق هذه الدائرة التفت خطوط زخرفية منحنية لتشكل نصف دائرة كتب فيها:
(لله خان الخير يقصد) و(بالسعد واليمن قد تشيد) و(وسامت النجم في سمو فالزهر عقد له قد تجدد) و(أنشأه صدر شهم كريم خدن المعالي الوزير أسعد تاريخه قد أتى ببيت، باللؤلؤ الرطب قد تنضد) و( بني خان بني بيمن، الأوحد الأسعد الممجد) سنة 1166.
كما كتب على جانبي هذه الكتابة أيضاً ضمن زخارف هندسية عبارات (يا مفتح الأبواب افتح لنا خير باب).
ويعتمد التصميم المعماري في الخان على مبدأ التناظر وتناوب اللونين الأسود والأبيض في المدامك الحجرية المشكلة للجدران المطلة على الباحة المركزية وقد اعتمد المصمم على تخفيف حدة هذا التناظر بتوزيع النوافذ بشكل عشوائي وعلى مستويين علوي وأرضي.
استمرت وظيفة الخان باعتباره محطة استراتيجية تجارية هامة حتى بداية القرن العشرين عندما انتقلت ملكيته إلى تجار المنطقة وتحول إلى مستودع لبضائعهم وذلك حتى بداية الثمانينات من القرن الماضي، حيث تم إخلاء شاغليه بعد استملاكه من قبل المديرية العامة للآثار والمتاحف التي قامت بترميمه بعد ذلك.
أخيراً فإن الزائر لخان أسعد باشا العظم، العارف لخصوصية الفن المعماري، يستشعر جمال تلك الآبدة المعمارية التي تفوق نظائرها في أنحاء البلاد التي انتشرت فيها الخانات الإسلامية ويدرك أنه بحق أعظم خانات الشرق قاطبة.

#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
مرسوم بصرف منحة مالية للعاملين في الدولة الصناعة السورية إلى أين؟ لا صناعة حقيقية ما لم تتمكن من التصدير صياغة دور" الخاص" ورفع جودة الإنتاج وزير الاقتصاد يخصص رقم واتساب لطرح الأسئلة والاستفسارات التراث الشعبي.. مرآة لهوية المجتمعات   تقدير للخصوصيات وترسيخ لأنماط العلاقات   Arab News : هل يشكل رفع العقوبات بداية جديدة للشعب السوري؟ منحة العيد تنعكس ارتياحاً في الأوساط التجارية دمشق القديمة.. بيوت مهددة بالسقوط   ما بين تعقيدات الترميم وغلاء المستلزمات   دمشق تحتفي باليوم العالمي للسلامة.. بناء منظومة وطنية متكاملة للطوارئ جامعة دمشق تحتفي بالتراث الشّعبي بعنوان "سوريا المستقبل بين التراث والحداثة" مراسيم رئاسية بتعيين معاونين لوزراء الطوارئ والصحة والتربية والعدل مطالبات بقوانين لحماية الصحفيين وتجريم خطاب الكراهية  "تجمّع كلمة" تحتفي بالكلمة الحرة في السلميّة عودة المياه إلى مدينة طرطوس صناعة الألبسة في حلب تنهار الكهرباء والتهريب المتهمان بالدرجة الأولى مراكز المساعدات في غزة تتحول إلى كمائن للقتل الجماعي الكويت سابع محطات الرئيس الشرع عربياً.. الدقباسي لـ"الثورة": علاقات راسخة وخطوة لتعزيز التضامن العر... درعا تستعد لامتحانات شهادتي الأساسي والثانوي الرئيس الشرع والشيخ مشعل الجابر الصباح يبحثان في الكويت دعم العلاقات.. تنظيف قلعة مصياف بمشاركة المجتمع المحلي الثروة الحيوانية في القنيطرة .. المربي يبيع من ماشيته لتربية ما تبقى