على سطح الزجاج الملاصق لمقعدها، انعكست صورة إحدى المسافرات بنفس الرحلة معها.
نظرتْ إلى من تجلس بمحاذاتها، لكن لم تكن صورتها.
بحثت في المقاعد الأمامية.. فعثرتْ على صاحبة الانعكاس الماثل أمام نافذتها البلّورية.
بادئ الأمر، ظنّت أنها أمام لعبة”خداع بصري”..
إذ كيف لصورة مَن تجلس على بُعد مقعدين أن تُبصرها قبالة وجهها..!
على عجلٍ، استعادت قوانين الفيزياء.. ولعبة انعكاس الضوء على الأسطح الزجاجية.
وبسرعة خاطفة جالت عيناها ما بين ثلاث صور:المنعكسة على البلور، والسيدة الكائنة بمحاذاتها، والثالثة الجالسة في المقدّمة (صاحبة الانعكاس).
كانت أمام حقائق علمية “فيزيائية”، ولم تكن أمام وهم بصري.. كما حسبت للوهلة الأولى.
لا تعلم كيف سحبتها الحادثة إلى لعبة (الخداع الذهني) التي يمارسها الحبّ علينا بالكثير من الأوقات.
وكيف يمكن له أن ينسج حولنا شبكة هائلة من تصورات تحيط بمن نحبّ..
فتساءلتْ عن تلك الآلية التي يمتلكها وتجعلنا في حيرة ما بين الصورتين: صورة واقعية حقيقية تشتمل على اختلافات مع مَن نحبّ، وصورة ذهنية ماثلة في عقولنا عمّا نرغب به من مثاليات العلاقة والآخر.
يبدو أن الحبّ، بقدرته العجيبة، يمارس شيئاً من (خداع ذهني) يدفعنا لرؤية الأجمل والإيجابي”فقط”.. لاسيما في البدايات.
وعن وصفتها في محاولة تقريب ذاك (الخداع الذهني) ليغدو أقرب لصيغة وقائع عاطفية، انجذبت دائماً للاختلافات.. وأعجبتها فروقاتها مع (الآخر).. مقتنعةً برأي “آلانباديو” أن الحبّ هو القدرة على التعامل مع الاختلاف وجعله خلّاقاً.. وأنه (صراع ناجح في مواجهة الانفصام).
#صحيفة_الثورة