إعدامات جماعية وصدمة لإخماد أي معارضة.. المهندس بكور لـ “الثورة”: مجزرة حماة ساهمت في تراكم الغضب الشعبي الذي انفجر في 2011

الثورة – عزة شتيوي:
في حديثه عن مجزرة حماة التي عاصرها بكل آلامها ووحشية نظام الأسد، يضيء المهندس السيد نضال بكور وهو من وجهاء حماة ورئيس غرفة صناعة حماة سابقاً والذي استقال عام 2012 على جوانب عديدة من هذه المجزرة، إذ يرى أن مجزرة حماة لم تكن مجرد قمع لتمرد مسلح بل كانت عقاباً جماعياً وتطهيراً سياسياً للسكان، وهي جريمة لا يمكن تبريرها بأي شكل حيث يمكن معالجة الوضع سياسياً أو على الأقل استهداف المسلحين فقط، لكن الأسد تعمد إحداث صدمة هائلة لإخماد أي معارضة مستقبلية، وهذه السياسة العنيفة زرعت الخوف في المجتمع السوري لعقود، ولكنها أيضاً ساهمت في تراكم الغضب الشعبي الذي انفجر لاحقاً في ثورة 2011.
الأسباب البعيدة والقريبة.. فتش عن إسرائيل!
يجد بكور أن هناك الكثير من الأسباب البعيدة والقريبة التي شلت الاستجابة الغربية والدولية حول هذه المجزرة، حيث يقول إن مجزرة حماة حدثت وسط صمت دولي وعربي كان مريبا ولكن له أسبابه في تلك الفترة، حيث كان العالم مقسماً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في صراع الحرب الباردة، ولم تكن حقوق الإنسان أولوية مقارنة بالمصالح الإستراتيجية وسوريا كانت حليفاً قوياً للاتحاد السوفييتي الذي وفر الغطاء السياسي والعسكري للنظام السوري.
ويتابع السيد نضال بكور لاعتبارات عديدة صمت العالم العربي والغربي ومنها وقوف بعض الأنظمة العربية مع حافظ الأسد ودعم إسرائيل اللا محدود والمقنع غير الظاهر للمجرم  حافظ الأسد،  وجاء الصمت الدولي مدعوماً من إسرائيل  التي أعطت الأسد الضوء الأخضر للاستمرار في سياسة القمع الوحشي .
فإسرائيل رغم عدائها الظاهري للنظام السوري لم تكن معنية بإضعاف الأسد إلى درجة تهدد استقرار سوريا بالكامل لأنها كانت تفضل التعامل مع نظام قوي يمكن التفاوض معه بدلًا من حالة فوضى غير متوقعة وهو ما عزز نظامه لعقود، لكن على المدى الطويل لم ينجح هذا القمع في إنهاء المعارضة تماماً بل أدى إلى تراكم الغضب الذي تفجّر في أحداث 2011 وما بعدها.
ويؤكد بكور أن من الأسباب أيضاً غياب أي منظمات دولية فعالة لمحاسبة الأسد، ففي ذلك الوقت لم تكن هناك محكمة جنائية دولية كما هو الحال اليوم، ولم يكن هناك مفهوم واسع للمحاسبة الدولية على جرائم الحرب كما نراه بعد التسعينيات (مثل محكمة يوغوسلافيا).
دعاية النظام وخطته
ويسترجع بكور ذاكرته حول الحدث الذي عايشه بتفاصيله، إذ يقول وقعت مجزرة حماة في شهر  شباط /فبراير 1982 خلال المواجهة الدامية بين النظام السوري بقيادة حافظ الأسد وحركة الإخوان المسلمين التي كانت تقود تمرداً مسلحاً ضد الحكومة منذ أواخر السبعينيات وجاءت المجزرة كجزء من الحملة العسكرية لقمع التمرد، واعتُبرت مدينة حماة في إعلام النظام معقلا رئيسياً، وأذكر حينها أن مجموعة مسلحة من الإخوان المسلمين قامت بتنفيذ هجوم على مقرات حكومية وأمنية في مدينة حماة، (وهذه خطة منظمة من قبل النظام ليجعل من اقتحامه المدينة أمراً مشروعاً ومبرراً ) وهو من قام بتوزيع السلاح في سيارات شاحنة وزعها في معظم أنحاء المدينة، وقام برفع الأذان في معظم مساجد المدينة يدعون فيها إلى الجهاد،علماً أنه كان هناك تحركات عسكرية من قبل النظام قبل اجتياح المدينة بأسبوع وتطويقها، لتكون له حجة أن الإخوان المسلمين هاجموا مقرات الحكومة ولا أحد ينفي أن هناك تنظيماً للإخوان ولكن كانت خلايا نائمة، مما دفع النظام السوري إلى إرسال قوات عسكرية كبيرة بقيادة رفعت الأسد (شقيق الرئيس المجرم حافظ الأسد وقائد سرايا الدفاع)، لمحاصرة المدينة وشن عملية عسكرية واسعة.
تفاصيل المجزرة.. إعدامات للأطفال والنساء
وعن العملية الإجرامية يقول بكور كانت الخطة العسكرية هي الحصار والقصف  للأهالي حيث فرض الجيش السوري حصاراً خانقاً على المدينة  وبدأ بقصف مدفعي وجوي مكثف استمر لعدة أيام، ما أدى إلى تدمير أحياء بكاملها خاصة في مناطق المدينة القديمة. وبعد ذلك جاءت مرحلة الاجتياح البري بعد أيام من القصف، حيث اقتحمت قوات الجيش وسرايا الدفاع المدينة  وقاما بعمليات إعدام جماعية للسكان بمن فيهم الأطفال والنساء والشيوخ إضافة إلى مجازر داخل المساجد والمستشفيات.
ذبح وهدم أحياء كاملة
ويقول السيد نضال بكور عن الانتهاكات التي حصلت خلال المجزرة بأنها لم تحصل في تاريخ سوريا حيث ذبح وحرق الجثث في الشوارع والساحات العامة، واعتقال الآلاف وتعذيبهم حتى الموت في المعتقلات، بالإضافة إلى هدم أحياء بأكملها مثل أحياء الباشورة،  الزنبقي،  والعقيدة والشرقية، وغيرها الكثير من الأحياء  على رؤوس ساكنيها.

حصيلة المجزرة والتداعيات
ويوثق بكور مجازر النظام بالأرقام حيث يؤكد كشاهد على هذه الحقبة بأن أعداد الضحايا  تقدر بما بين 20,000 إلى 40,000 قتيل، معظمهم من المدنيين، فضلاً عن آلاف المعتقلين والمفقودين كما نزح آلاف آخرون عن المدينة.
وعن نتائج وتداعيات تلك المجزرة  يقول بكور انه تم القضاء على تمرد الإخوان المسلمين في سوريا وتراجعت أنشطتهم المسلحة بشكل كامل بعد المجزرة، وترسخ حكم المجرم حافظ الأسد حيث وجّه رسالة قوية بأن أي معارضة مسلحة ستواجه بالقوة المفرطة، الأمر الذي نشر رعبا وقمعا شديدا، وفرضت حالة طوارئ مشددة، واستمرت الاعتقالات والملاحقات السياسية لعقود. مع وجود عزلة دولية محدودة، إذ لم يكن هناك رد فعل دولي قوي بسبب طبيعة الحرب الباردة في تلك الفترة.
ويختم بكور حديثه بالقول مجزرة حماة 1982 تعتبر واحدة من أكثر الأحداث دموية في التاريخ الحديث لسوريا، حيث تجسّد وحشية القمع السياسي والعسكري الذي مارسه النظام السوري ضد خصومه وشعبه، ورغم مرور عقود لا تزال ذكراها حاضرة خاصة مع استمرار تداعياتها في الذاكرة السياسية السورية.
#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
شهادة من قلب المأساة.. ابن حماة الإعلامي في "صحيفتنا" حازم شعار لـ"الثورة": سرايا رفعت الأسد أعدمت 5... محامون لـ"الثورة": مجلس تشريعي مؤقت وسلطة مستقلة للقضاء الرؤية الاقتصادية في خطاب الرئيس الشرع بارقة أمل.. طلاب من جامعة اللاذقية لـ"الثورة": كلمة الرئيس برنامج عمل بفضل الله وتضحيات المعذبين تحررنا من السويداء.. مواطنون لـ "الثورة": كخادم لا كحاكم كلمة تختصر الكثير عناوين المرحلة بعيونهم.. طلاب وأساتذة جامعيون لـ "الثورة": الخطاب يمهِّد لبناء سوريا الغد كذبة الممر الإنساني.. "الثورة" ترصد أحداث مجزرة "شارع علي الوحش" في مخيم اليرموك.. و١٢٠٠ سوري وفلسطي... بعفوية وبساطة.. طمأن السوريين تجهيز أسواق للبسطات والإشغالات لتنظيمها في جبلة وثائق "القضاء العسكري" المحروقة والسرية شاهد حي على إجرام نظام الأسد آثار الدمار الهائلة في درعا شاهدة على حجم الإجرام لنظام قتل الإنسان وحقد على الشجر والحجر حي القابون شاهد على وحشية النظام البائد "BBC news": رئيس سوريا الجديد يتعهد لشعبه بالحفاظ على السلم الأهلي مهندسون ومحامون من طرطوس لـ"الثورة": الخطاب أسس للعبور الآمن صحيفة "الثورة" ترصد توثيق قادة العمليات لمرحلة تحرير سوريا.. من التشتت إلى توحيد الفصائل بوضوح.. المشاركة عنوان المرحلة الانتقالية البيض بوفرة وتصدير للفائض وانخفاض السعر بنسبة 50% حملة للقبض على تجار المخدرات والسلاح في قيطة وجدية شمال درعا خطة لزراعة 600 ألف غرسة حراجية في تل الحارة