الثورة – أسماء الفريح:
بين الثاني من شباط والأول من آذار من عام 1982 ارتكب نظام حافظ الأسد وأخيه رفعت المجرم أبشع مجزرة في تاريخ سوريا طالت سكان حماة على أيدي فرق وألوية في جيشه قامت بمحاصرة المدينة وقطعت الماء والكهرباء والاتصالات عنها وأدت وفقا لعدة روايات إلى ارتقاء نحو 40 ألفا وأكثر من 17 ألف مفقود، في حين وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عدد الضحايا بعشرة آلاف والمفقودين بأربعة آلاف.
عدم تقدير أعداد ضحايا المجزرة بدقة يعود لغياب التغطية الإعلامية المحلية والإقليمية والدولية وقت وقوعها وأيضا لخوف من تبقى من ذوي الضحايا أو الناجين من التحدث طوال تلك السنين الماضية خشية أن يلاقوا المصير ذاته كما أن سرد تفاصيلها المرعبة ظل سرا لذات الأسباب وكل المعلومات أو الروايات التي خرجت للعلن جرت بعد انطلاق الثورة السورية المجيدة.
القصف العشوائي والكثيف بالمدافع والرشاشات والطائرات لكل أحياء المدينة بعد فشل قوات النظام في دخولها بداية الأمر نتيجة تصدي أهاليها لهم أدى لسقوط أعداد كبيرة بين شهيد وجريح ولاسيما أن أحياء بكاملها سويت بالأرض وهدمت المنازل فوق رؤوس ساكنيها وحتى بيوت العبادة والعيادات والمشافي لم تسلم من التدمير.
ووفق موقع الجزيرة نت فإن مدنيين حاولوا الهروب خلال تعرض المدينة للقصف وتمكن المئات من ذلك عبر القرى والمناطق المحيطة، وذكر شهود عيان منهم أنهم عبروا فوق عشرات الجثث المرمية في شوارع المدينة أثناء عملية الخروج، في حين التجأ باقي السكان إلى الأقبية التي أحرقوا داخلها لاحقا.
قوات النظام اقتحمت أحياء المدينة بعد 10 أيام من القصف تلتها عمليات دهم وتفتيش لكل المنازل وبعد أن أعطت السكان الأمان في عمليات التفتيش الأولى والثانية قامت في الثالثة باعتقال كل المدنيين الذكور من عمر 12 عاما وحتى أعمار متقدمة وبدأت بتصفيتهم ميدانيا فرادى وجماعات كما نكلوا بالجرحى وقتلوا المرضى في المستشفيات واستخدموا الأسلحة البيضاء في ذبح عائلات بأكملها حتى الأطفال الرضع.
إحدى العاملات في المشفى الوطني بالمدينة ذكرت للقناة أنها التقت آنذاك بامرأة حديثة الولادة أخبرتها أن عناصر النظام حين داهموا منزلها أخذوا طفلها الوليد حديثا وأمسكوه من بين رجليه ثم شدوه بقوة وقتلوه عن طريق تمزيق أعضائه جراء الشد، كما تحدثت عن بقر بطون الحوامل وحالات اغتصاب للفتيات والنساء وحتى العجائز.
وتتابع شهادتها بالقول إن عناصر النظام في حي الأميرية أخرجوا الشباب من البيوت، وطلبوا منهم الاستلقاء على الأرض ثم جعلوا الدبابة تسير فوقهم.
هبة دباغ وهي إحدى المعتقلات سابقا في سجون النظام تتحدث في كتابها “خمس دقائق وحسب.. تسع سنوات في سجون سوريا”- أن جميع أفراد عائلتها أعدموا رميا بالرصاص في منزلهم بما في ذلك إخوتها الأطفال خلال أحداث المجزرة.
كاميليا بطرس التي كانت تعمل مسؤولة مكتب القبول في المستشفى الوطني بالمدينة في ذلك العام قالت لوكالة الصحافة الفرنسية: “كانت الجثث تصل بالشاحنات، وتلقيها القلابات على باب المشرحة، من دون توقف، بشكل يتجاوز قدرتنا على العمل” , مشيرة إلى أنها عملت مع موظفيها على مدى 20 يوما على تسجيل أسماء الضحايا المنقولين.
وتضيف إنه وفقا للأرقام التي عملت عليها، بلغ عدد القتلى من المدنيين فقط32 ألفا مشيرة إلى أنها أبلغت السلطات بهذه الأرقام، قبل أن تُسحَب منها البيانات ولاسيما أنه كانت تأتيهم الاتصالات من تلك السلطات على مدار الساعة لمعرفة أعداد الضحايا الدقيقة.
وذكرت أنه تم دفن كثيرين في مقابر جماعية لعدم وجود بطاقات هوية معهم أو لأنهم مجهولون لا يعرف عنهم سوى اسم الحي الذي نُقلوا منه.
من جرائم ضد الإنسانية , حيث تؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن إحياء ذكرى المجازر التي سبقت اندلاع الثورة في آذار 2011 وما زال أثرها ممتداً حتى الآن يعتبر جانباً مهماً من كشف جزء من الحقيقة ومن الدفاع عن حقوق الضحايا وفضح مرتكبي الانتهاكات.
#صحيفة_الثورة