كتاب “أنسنةُ المكان” ذاكرة جسد ومرآة روح

الثورة – رنا بدري سلوم:
بفصولٍ خمسة تشبه مدارات العمر، ربيع أحلامه وخريف حزنه وشتاء عطائه وصيف شغفه، لكاتبٍ لا يملّ الكتابة، يصطحبنا الدكتور الناقد عبد الله الشاهر في كتابه “أنسنة المكان” إلى فصلٍ خامسٍ من الوله، فيه وجدانيّات الحياة ومرايا الصبا، سائلاً صديقه “أتريدني أنّ أكتب.. ولماذا أكتب؟ إنه سؤال مشروع لكنه محيّر ذلك لأن جوابه احتمالي وحضوره قائم في ذواتنا منذ أن وجد الإنسان على هذا الكوكب، وسيبقى السؤال يا صديقي ماثلاً إلى الأبد في الذّات الإنسانيّة، لأنه متنازع عليه، أترانا نكتب لأن “أنكيدو” جلجامش لايزال في ذواتنا ويعشعش في لاوعينا ويستفزّنا للبحث عن عشبة الخلود!؟
إجابة ربما لا تكون مقنعة ومع ذلك فإن سؤالاً آخر يقفز إلى الذهن ليقول: ما جدوى الكتابة ومصيرنا محتوم وحياتنا محدودة..!؟
ورغم أنّي لا أحبّذ مقدّمات الكتب، لكن في الكتاب الصادر عن “دار بعل” للطباعة والنشر جاءت المقدمة موائمة تماماً لوجدانيّات كاتبٍ لاضير إن وصفناه بالشّاعر الرهيف لعمق ما باح به من نداءاتٍ عذبة مخلصة لمسقط رأسها توّاقة لتنساب إلى مصبّها الذي لايزال يغدق بشغف الكتابة والحنين. ساعياً صديقه الكاتب المغربي “الحبيب دايم ربي” بمقدّمته المساهمة إلى محاولة الرّبط الجدليّ بين الإنسان والمكان من خلال تجميع شهادات في إصدار جديد له لمثقّفين ومبدعين ومفكّرين توجد بينهم روابط الانتماء إلى مكان ما، بحكم الولادة أو الوفادة أو العبور ولاسيما خلال مرحلة حاسمة من مراحل نمو شخصيّاتهم ألا وهي مرحلة الطفولة، والذي يهمنا هنا ليست جغرافيّة المكان كحيّز جغرافيّ وحسب، وإنّما ما ظلّ عالقاً منها بالذاكرة لدى هذه الفئة من الناس الذين أصبحوا بحكم مجهوداتهم الشخصيّة وتضحيات أسرهم، جديرون بالافتخار فأغنوا بذلك الرأسمال الرمزي لهذا المكان أو لسواه، ما دامت المدن والقرى والأطيان عموماً لا تأخذ معناها الحقيقي إلا عبر أبنائِها البررة أو الذين حلّوا بها فوشموها بشخصيّاتهم ومواقفهم وأعمالهم”.
فبين رقّة الفرات وقسوة البادية، الفرات الحلم الذي لم يرتوِ منه بعد، لأنه فضاء روحه وهمس مشاعره، ورقص دائم الإيقاع في ذاته، وعلى شطآنه نمت أفكاره وكبرت أحلامه، ابتدأ الشّاهر فصل طفولته التي تشبّعت من “النايل، والسويحلي، والموليّا” فتآخى في داخله النغم باللغة ليترك جماليّة أثر لم يحسب أنه سيثمر لاحقاً ويبني في حياته فصولاً من الوله بالأدب والأدباء.
وحين وقف عند ذاته، يعترف الشاهر في فصل “الأنسنة” بأنه رجلٌ جسده خارطة لم تقرأ بعد “أنا رجل..أغرم وأموت على شفّة كلمة..أنا رجلٌ أحيا على نغمة جملة.. إنني ضائع ضياع الشعارات التي استباحت ذاكرتي وشتّتت أمكنتي أنا تعاسة الفقد وألم الخيبة ومشهد الخذلان”.
وعن “الأنثى ” في فصول ولهه، وقف طويلاً عند أنوثتها فقارن بين المرأة ونيوتن ليجدها أقوى وبين المرأة وإنشتاين “مسكين هذا الرجل.. خرج من جاذبيّتنا إلى فضاء لا جهات فيه وعلى الرغم من أنه أنجز لكنه بداخله بقي كئيباً”.. ليشبّه الشّاهر الأنثى بالسّيفِ الدمشقيّ الذي يُعد من أنقى السّيوف في العالم يزرع على ضفاف بردى في الخريف مدّة طويلة ليتواصل مع السّماء وهو مغروس في الأرض.
وهكذا تتحول الأنثى عند الشاعر إلى مكان وفضاء بل هويّة ووطن.
في نهاية “أنسنة المكان” المعتّق بوجدانيّات الشاهر التي ألقاها أحمالاً كانت على كاهله لينزفها حبراً على بياض الورق، ختم بفصل أسماه “حنين” يؤكد فيه أنه كائن من الأحاسيس والمشاعر تجرحه الذكريات القريبة وتأسره الذكريات البعيدة وله في الأماكن همس روح وشدو عاشق.
#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
هموم بحاجة لحلول في اجتماع الأسرة الزراعية بدمشق وزير الخارجية يبحث مع نظيره الألماني هاتفياً تعزيز العلاقات الثنائية بحث لقياس قوة العمل والبطالة في درعا السفارة الأميركية: دعم واشنطن لعودة السوريين من مخيم الهول خطوة نحو إنهاء أزمة النزوح "القاضي"..مستشار أول لشؤون السياسات الاقتصادية واقع الصحة النفسية والدعم الاجتماعي في شمال سوريا مفوضية اللاجئين تتوقع عودة 1,5 مليون سوري بحلول نهاية 2025 إنتاج حليب النوق تجربة فريدة.. هل تنجح في سوريا؟ خطة طوارىء من حليب النوق إلى جبن الموزاريلا... دراسات تطبيقية تربط العلم بالإنتاج ضمن إعادة هيكلة المؤسسات..  رؤساء دوائر "بصحة " حمص ومزاجية في ترشيح الأسماء الفائضة.. إعادة توزيعهم... الدرويش لـ"الثورة" : عدم توفر البيانات يعيق التخطيط للتحول الطاقي  بمشاركة 182 طالباً وطالبة انطلاق الأولمبياد الجامعي الأول في البيولوجيا   لبنان: الموافقة على خطة عودة النازحين السوريين مدير تربية القنيطرة : تحقيق العدالة والشفافية في المراكز الامتحانية 120468 متقدماً للامتحانات في ريف دمشق موزعين على 605 مراكز سوريا و"حظر الكيميائية" تبحثان سبل التعاون بما يخدم الالتزامات المشتركة  "الأوروبي" يرحب بتشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب في سوريا الهاتف المحمول في قبضة الأطفال صيفًا.. راحة مؤقتة بثمن باهظ تداول العملات الرقمية في سوريا نشاط غير قانوني... وتحذير من الاحتيال